لماذا هاجم «الإخوان» صُناع مسلسل «الحشاشين»؟


فور بث الحلقة الأولى من المسلسل الدرامي المصري «الحشاشين»، الذي يعرض في عدد من القنوات المصرية والعربية خلال شهر رمضان، أطلق ناشطون وإعلاميون محسوبون على جماعة «الإخوان» حملة «انتقادات حادة» ضد المسلسل الذي يستلهم تاريخ جماعة «الحشاشين» التي ظهرت في القرون الوسطى. وسط تساؤلات حول أسباب ذلك الهجوم.

ورأى رواد على مواقع التواصل الاجتماعي، ومتخصصون في شؤون تنظيمات «الإسلام السياسي» أن حملة الهجوم الإخوانية تعكس «إدراكاً من جانب المنتمين للجماعة أو المتعاطفين معها لأوجه الشبه بين الجماعتين»، فضلاً عن «الحساسية البالغة» لديهم من أي محاولة لكشف «توظيف الدين لأغراض سياسية».

ويلعب بطولة مسلسل «الحشاشين» عدد من الممثلين المصريين والعرب، يتقدمهم الفنان المصري كريم عبد العزيز، والعمل من تأليف الكاتب عبد الرحيم كمال، وإخراج بيتر ميمي، ومن إنتاج الشركة «المتحدة»، وقد استغرق تصوير المسلسل عامين، وكان من المقرر عرضه في رمضان الماضي، لكن تم تأجيله ليُعرض هذا العام بسبب تصوير مشاهد من المسلسل في مالطا وكازاخستان، وفق تصريحات سابقة لصناع العمل.

ويحكي المسلسل قصة حسن الصباح، مؤسس جماعة «الحشاشين»، أخطر الحركات السرية خلال القرن 11 الميلادي كجزء من الطائفة النزارية.

وأطلق ناشطون وإعلاميون موالون لجماعة «الإخوان» حملة مكثفة للهجوم على المسلسل وصُناعه، واتخذت حملة الهجوم أوجها عدّة، بعضها مباشر بانتقاد تصوير المسلسل، على أنه «إسقاط تاريخي على الإخوان وتشبيههم بفرقة الحشاشين»، بينما اتخذ جانب آخر، مساراً فنياً يتعلق بـ«محاولة انتقاد اللغة المستخدمة في العمل وتكلفته المادية».

ونشر الإعلامي المحسوب على «الإخوان»، محمد ناصر، تدوينات وروابط لفيديوهات ينتقد فيها المسلسل، وكتب في إحداها على حسابه بموقع «إكس»، أنه «كان الأولى عدم إنتاج المسلسل لتكاليفه الكبيرة». بينما نشر الإعلامي الموالي لـ«الإخوان»، أسامة جاويش، تدوينة على «إكس» حاول فيها السخرية من المسلسل، حيث كتب «عاجل… تسريب الحلقة الأخيرة من الحشاشين… الإخوان طلعوا وحشين». إلا أن العديد من التعليقات على تلك التدوينة وجهت انتقادات لاذعة لجاويش، واعتبروا أنه «يعترف بالتشابه بين الإخوان و الحشاشين».

وبدوره، حاول الإعلامي المحسوب على «الإخوان»، سامي كمال الدين، أن يتجنب المسار السياسي مستخدماً النقد الفني للهجوم على المسلسل الذي وصفه في تدوينة له على موقع «إكس»، بأنه «مسلسل كارتون»، وأن الحلقات التي عُرضت «بها فقر فني واضح»، على حد قوله.

في المقابل، هاجم مدونون انتقادات «الإخوان» للمسلسل، وأرجعوا ذلك الهجوم إلى ما يكشفه العمل الدرامي من تشابه بين الجماعتين. وكتب حساب باسم «نادر الشريف» على «إكس»، أن «حسن الصباح مؤسس الحشاشين، وحسن البنا مؤسس الإخوان، وجهان لعملة واحدة، وكل الانتقاد للمسلسل، لأنه يفضح أصل وممارسات الحشاشين التي لا تختلف عن ممارسات الإخوان». بينما استخدم مدونون آخرون أسلوب «الكوميكس» للسخرية من غضب «الإخوان» ضد العمل الدرامي.

بوستر لمسلسل «الحشاشين» (الشركة المنتجة)

من جانبه، أشار الكاتب والباحث المتخصص في شؤون التنظيمات المتطرفة، أحمد بان، إلى أن الهجوم الإخواني على مسلسل «الحشاشين» يمكن فهمه في إطار أن عناصر «الإخوان» رأت في المسلسل «إسقاطاً سياسياً وفكرياً عليهم». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العديد من الجماعات مثل الإخوان تشعر بحساسية عالية تجاه أي محاولة للنقد».

وأضاف أن ثمة «تشابهاً لا تطابق» بين «الإخوان» وفرقة «الحشاشين» مع اختلاف السياقات التاريخية، لافتاً إلى أن الثقة المطلقة داخل «الحشاشين» أخطر بكثير منها في داخل «الإخوان»، إلا أن توظيف الدين في السياسة مسألة تتشاركها الجماعتان.

وأوضح، أن تركيز المسلسل على نقد تلك الفكرة ربما كان أحد الأسباب التي تؤذي مشاعر أتباع الجماعات التي تعتمد في وجودها على استخدام الدين في السياسة، وأن أي هجوم على تلك الفكرة «يدفع تلك التنظيمات إلى الاستنفار، لأنه يضرب في جوهر وجودها على اختلاف أشكالها وجذورها الفكرية».

بدروه، رأى الباحث المتخصص في شؤون التنظيمات المتطرفة، منير أديب، أن هناك مساحات كبيرة مشتركة بين «الإخوان» و«الحشاشين»، وأن الحديث عن تلك الفرقة كجماعة استخدمت القتال بدعوى الجهاد، ووظفت الدين لخدمة أغراضها السياسية، «يحمل إسقاطاً مباشراً على جماعة الإخوان، التي استلهمت العديد من أفكار وأساليب الحشاشين في تاريخها التنظيمي».

وأضاف أديب لـ«الشرق الأوسط» أن حسن البنا استلهم من حسن الصباح فكرة بناء الجماعة على الولاء المطلق من الأتباع لقائد الجماعة، وأن تلك البيعة تقوم في الجماعتين على «السمع والطاعة والثقة العمياء من الموالين لزعيم الجماعة».





المصدر

صالح علي

كاتب ومحرر صحفي

بيسان الشريف ومي مراد: قصص مجزأة عن أهوال المنفى

السجن لمدة عامين ونصف بحق رجل قتل قطّاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *