بوتين متمسك بأهدافه… والإنتاج الحربي زاد أضعافاً عدّة لمواجهة «تهديدات جديدة»
عرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء، حصيلة العام المتعلقة بالعمليات الحربية في أوكرانيا، والمواجهة المتفاقمة مع الغرب في ذلك البلد. وعكست الخلاصة التي نوقشت خلال لقاء مع القيادات البارزة وجنرالات وزارة الدفاع، أهم النتائج خلال عام على المستوى العسكري الميداني، وكذلك على مستوى عمل المجمع الصناعي العسكري الروسي، لتعويض النقص في المعدات والأسلحة من طرازات مختلفة.
وجمع اللقاء الذي استهله وزير الدفاع سيرغي شويغو بتقديم تقرير موسع عن سير المواجهات على طول خطوط التماس، مسؤولي الهيئات القيادية في الوزارة في إطار «مجلس وزارة الدفاع» إلى جانب ممثلي الشركات والمؤسسات الكبرى في المجمع الصناعي العسكري، المسؤول عن توفير احتياجات الجيش من المعدات والتقنيات المختلفة.
وعرض بوتين بشكل مسهب أمام الحاضرين، رؤيته للمواجهة بعد مرور نحو عامين على اندلاع القتال. وأكد أن «الغرب لم يتخل عن أهدافه العدوانية في أوكرانيا ونحن أيضا لا نتخلى عن أهداف عمليتنا العسكرية».
وزاد أن الغرب «يستمر في حربه الهجينة ضدنا، مستخدما كل الوسائل، بما في ذلك المستشارون والمعلومات والطائرات المسيرة والقنابل العنقودية». ولفت إلى أن حلف شمال الأطلسي «وسّع بشكل كبير» حضوره المباشر قرب الحدود الروسية، و«نشر عددا كبيرا من التشكيلات العسكرية على طول المناطق المحاذية للحدود».
برغم ذلك، قال الرئيس الروسي إن بلاده نجحت في مواجهة الحشد الغربي ضدها، وإمدادات الأسلحة والتقنيات إلى أوكرانيا، ورأى أن «أسطورة القوة الغربية التي لا تقهر قد تحطمت. تمكن الجندي الروسي من تحطيم تلك الأسطورة».
وأشاد بوتين بأداء الجيش الروسي، وقال إنه يستند إلى دعم واسع من قطاعات الشعب بأطيافه كافة… وتجنب خلال الاجتماع التطرق إلى تقييم تفصيلي للوضع على الجبهات، مكتفيا بإشارة إلى أن جيشه «يدافع حيثما يتوجب الدفاع، ويهاجم أينما كان ذلك ضروريا».
وقال بوتين، خلال الاجتماع، إن «العدو يتكبد خسائر فادحة وأهدر احتياطياته إلى حد كبير، محاولا أن يظهر لأسياده الحقيقيين، على الأقل، بعض نتائج ما يسمى بالهجوم المضاد الذي روج له كثيرا».
وأضاف: «بتقييم الوضع الحالي على الأرض، على خط التماس القتالي، يمكننا أن نقول بثقة إن قواتنا لديها زمام المبادرة. نحن نفعل ما نعده ضروريا، وما نريده، حيثما نحتاج إليه، وعند الضرورة نقوم بتحسين مواقعنا». وقال بوتين: «الغرب لن يتخلى عن استراتيجيته المتمثلة في احتواء روسيا وأهدافها في أوكرانيا. لذلك، لن نتخلى عن أهدافنا في العملية العسكرية الخاصة». وأضاف: «كل المحاولات، كما قالوا في الغرب، لإلحاق هزيمة عسكرية أو استراتيجية بنا، تم إحباطها بشجاعة وصمود جنودنا، واصطدمت بالقوة المتزايدة لقواتنا المسلحة، وإمكانات الصناعة المحلية والإنتاج الحربي».
وخصص الرئيس الروسي، الجزء الأوسع من خطابه، لموضوع ضرورات زيادة الإنتاج الحربي، وتطوير القدرات الروسية، وأظهرت الأرقام التي قدمها، وكذلك تلك التي عرضها وزير الدفاع بعد ذلك، أن روسيا واجهت موقفا معقدا وصعبا، دفعها إلى زيادة الإنتاج الحربي عدة أضعاف. وقال بوتين إن العمل على هذا المسار «سوف يتواصل، ولا بد من رفع إنتاج الذخائر عالية الدقة والمسيرات».
وزاد بأن بلاده تعمل أيضا على تحسين أنظمة الدفاع الجوي، موضحا: «أنظمتنا تعمل بشكل فعال، ولكن يجب العمل بشكل إضافي في هذا الاتجاه».
وتطرق إلى توسيع أوكرانيا استخدام المسيرات في الهجوم على المدن الروسية، وقال إن المجمع الصناعي العسكري «يجب أن يأخذ بعين الاعتبار استخدام العدو المكثف للمسيرات».
ورأى أن على روسيا أن تواصل التعامل بقوة مع «التحديات والتهديدات الجديدة» التي قال إنها «زادت الحاجة إلى الثالوث النووي» (الصواريخ وحاملاتها من الغواصات والسفن والطائرات والرؤوس الحربية). وخلص إلى أنه «لا بديل عن تعزيز عمل المجمع الصناعي العسكري».
في إطار هذا التعزيز، ذكر الرئيس الروسي أنه تم توسيع «استخدام أسلحة فريدة وحديثة للغاية بينها منظومتا الصواريخ (يارس) و(أفانغارد)». وذكر أنه في هذا الإطار، شارك قبل أيام في كراسنويارسك، بتدشين غواصتين متعددتي المهام، مزودتين بصواريخ «بولافا».
وعموما، أعرب بوتين عن رضاه عن أداء المجمع الصناعي العسكري. وقال إنه مع حلول نهاية 2023 قامت المنشآت والمؤسسات العسكرية بتنفيذ 98 في المائة من حقيبة الطلبات التي قدمها الجيش. وإن مؤسسات المجمع الصناعي العسكري قامت بـ«قفزة نوعية، وتعمل الشركات بثلاث ورديات، لمواجهة كل التحديات من قبل الغرب، الذي يساعد أوكرانيا بكل ما أوتي من قوة».
وأفاد في هذا الإطار، بأن «صناعة الدبابات والمدرعات زادت ثلاثة أضعاف، وزاد إنتاج الذخائر 2.7 مرة، وبعض الطرازات وصل حجم الزيادة في إنتاجها إلى 7 أضعاف».
ورغم ذلك حضّ بوتين وزارة الدفاع والمجمع الصناعي، «على مواصلة تحليل الاحتياجات وفقا لتطور الوضع على الجبهات وإمدادات الأسلحة الغربية»، وفي هذا الإطار أقر بوجود ثغرات مهمة من بينها، أن «إنتاج الدبابات زاد، إلا أننا نحتاج إلى نماذج أحدث من الدبابات والأسلحة، ولا سيما المسيرات الثقيلة، وتحسين أوساط الأعمال للتقنيات المعقدة، والتي لم تكن صناعات الدفاع توليها اهتماما في السابق، لكنها تحولت حاليا لتطويرها».
وتطرق إلى خطط لتطوير احتياطات للجيش والأسطول، «من خلال توفير الأسلحة ذات الآفاق المستقبلية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي». وقال إنه يتم العمل على ذلك، من قبل لجنة التنسيق في الحكومة ووزارة الدفاع.
بدوره ركّز وزير الدفاع خلال مداخلته على شقي الوضع الميداني العسكري، والمستويات التي وصلت إليها عمليات زيادة الإنتاج الحربي. وقال شويغو إن الجيش الأوكراني «خسر نحو 383 ألف مقاتل ما بين قتيل وجريح منذ بداية العملية العسكرية». كما أشار إلى أن خسائر كييف منذ بدء الهجوم المضاد في يونيو (حزيران) بلغت 159 ألف عسكري، وتم إسقاط 121 طائرة، وتدمير 766 دبابة، بما في ذلك 37 دبابة من طراز «ليوبارد».
ولم يتطرق شويغو إلى خسائر الجيش الروسي. وزاد أن أوكرانيا تحصل حاليا، على إمدادات ومساعدات من 15 بلدا. مذكرا بأن «كل الأموال التي تحصل عليها كييف هي قروض يتعين عليها سدادها فيما بعد».
وقال وزير الدفاع إن روسيا «نشرت على مساحة 7 آلاف كيلومتر حقول ألغام غطت كامل خطوط المواجهة مع العدو بطول يزيد على 2000 كيلومتر، وعمق يصل إلى 600 متر». ملاحظا أن هذا الإجراء منع تقدم الهجوم الأوكراني المضاد. وقال إن بلاده وفرت طرقا آمنة لاستئناف عمل سكك الحديد إلى دونباس، كما أقامت ممرات برية مع المناطق التي جرى ضمها إلى روسيا. وقال إن «عدد المرتزقة الأجانب في الجيش الأوكراني انخفض بستة أضعاف».
وحول الصناعات العسكرية قال الوزير إن بلاده باتت «تنتج أسلحة أكثر من دول الناتو مجتمعة. وإن مؤسسات المجمع الصناعي رفعت من جداول عملها وأصبحت تعمل على مدار الساعة». وأعلن: «لقد تم اختبار المعدات الروسية الحديثة بدقة في العملية الخاصة، وأظهرت تفوقها على النماذج المماثلة من دول الناتو».
ووفقا للتقرير الذي قدمه شويغو أمام الحضور، فقد «زاد إنتاج الدبابات 5.6 ضعف، والمدرعات 3.6 ضعف، ومدرعات نقل الجنود 3.5 ضعف، وزاد إنتاج المسيرات 16.8 ضعف، والذخائر 17.5 ضعف».
كما أشار شويغو إلى دخول 4 غواصات جديدة و8 سفن حربية الخدمة الميدانية في الأسطول الروسي. وقال إن «قوات الصواريخ الاستراتيجية استكملت عمليات تجهيزها لنظام الصواريخ الاستراتيجية (أفانغارد)، ونواصل تجهيزها بأنظمة (يارس)».
وأضاف أن «الثالوث النووي» يتم الحفاظ عليه حاليا عند مستوى يسمح بالردع الاستراتيجي المضمون، و«الاستعداد القتالي العالي للقوات النووية الاستراتيجية يتم ضمانه من خلال مستوى غير مسبوق من تحديث الأسلحة، ارتفع إلى 95 في المائة».
وفي هذا الإطار كشف عن تسليم أربع طائرات استراتيجية من طراز «توبوليف 160» إلى القوات النووية للطيران الاستراتيجي. ولجهة العنصر البشري، قال الوزير إن وزارته تعمل على «تنفيذ مرسوم القائد الأعلى للقوات المسلحة بزيادة تعداد القوات الروسية لأكثر من مليون و200 ألف جندي».