تسجيل سري لصامويل إيتو يلقي بظلاله على كرة القدم الكاميرونية


حتى قبل هذا التسريب، كانت الشائعات تنتشر منذ فترة… لقد بدت عودة نادي «فيكتوريا يونايتد» إلى الدوري الكاميروني الممتاز لأول مرة منذ ما يقرب من 20 عاماً بمثابة قصة خيالية بالنسبة للنادي المقبل من مدينة ليمبي الساحلية، والذي كان يلعب في دوري الجنوب الغربي الإقليمي حتى العام الماضي.

لكن الكثير من علامات الاستفهام والدهشة أثيرت في ديسمبر (كانون الأول) عندما ركض رئيس النادي، فالنتين نكوين – وهو رجل أعمال محلي معروف باسم «بوبديدي» – إلى أرض الملعب في الدقيقة 86 من مباراة نادي فيكتوريا يونايتد ضد نادي تونير كالارا، ليمسك بالكرة ويشكو من «التحكيم السيئ». وعلى الرغم من محاولات إقناعه بإعادة الكرة، رفض نكوين – الذي أوقفه الاتحاد الكاميروني لكرة القدم لاحقاً – واضطر الحكم إلى إلغاء المباراة. وقال أحد المشجعين لموقع «سبورتس نيو أفريكا»: «هذا أمر لا يصدق على الإطلاق في القرن الحادي والعشرين بالنسبة لكرة القدم الكاميرونية».

ولم تتضح أهمية ذلك اليوم إلا في شهر يوليو (تموز) الماضي، عندما تأكد صعود نادي فيكتوريا يونايتد، المعروف باسم أوبوبو، إلى الدوري الكاميروني الممتاز بعد فوزه بلقب دوري الدرجة الثانية قبل نهاية الموسم بجولتين. لكن محادثة هاتفية مسربة على ما يبدو بين نكوين وصامويل إيتو رئيس الاتحاد الكاميروني لكرة القدم منذ ديسمبر 2021، والتي نشرها موقع Camfoot.com لأول مرة، كشفت عن مؤامرة دُبرت بين الرجلين.

وقال إيتو، مهاجم برشلونة السابق، في التسجيل الذي تصل مدته إلى 11 دقيقة والذي اشتكى فيه رجل قيل إنه نكوين – لكنه نفى أن يكون هذا صوته – من التحكيم: «هناك أشياء يمكننا القيام بها، لكن يتعين عليك أن تكون حذرا للغاية يا أخي. لم يكن لدي الوقت الكافي للعودة إلى المنزل حتى الآن. أنا بالخارج، لم يكن لدي الوقت للتواصل مع رئيس لجنة التحكيم الكاميرونية، لأنني لا أستطيع الاتصال بالحكام بشكل مباشر لكي أخبرهم بأن يتوخوا الحذر. لكن يمكنني العمل مع الرئيس».

وأضاف: «يجب أن يصعد أوبوبو إلى الدوري الممتاز. هذا هو هدفنا، وهذا هو اتحادنا. فيكتوريا يونايتد سوف يصعد. كن هادئاً، سنمنحك النقاط الثلاث ونوقف الحكم. لكن دعني على الأقل أعُد إلى الكاميرون».

وبعد هذه المحادثة في بداية شهر يناير (كانون الثاني)، لعب فيكتوريا يونايتد 12 مباراة من دون هزيمة، وحقق خلالها تسعة انتصارات. وكان الأمر اللافت للنظر يتمثل في أنه في أربعة من تلك الانتصارات، أنهى منافسوه المباراة وهم يلعبون بنقص عددي نتيجة طرد أحد اللاعبين! وعلاوة على ذلك، حصل نادي فيكتوريا يونايتد أيضاً على النقاط في أربع مباريات لم يتم استكمالها بسبب الشغب الجماهيري وإثر قرارات من اللجنة التأديبية التابعة للاتحاد الكاميروني لكرة القدم، بما في ذلك مباراة على ملعب «يونيسبورت دي بافانغ» في فبراير (شباط)، والتي تم إلغاؤها عندما اقتحمت جماهير الفريق المضيف الملعب بينما كان فيكتوريا يونايتد متأخرا في النتيجة بهدف دون رد!

وسرعان ما أعقب ذلك التخلي عن خدمات حارس المرمى إدريس يوسف في فبراير الماضي بعد أن قال: «نحن نشتري المباريات، وسنصعد»، وزعم النادي أنه استغنى عن خدمات يوسف لأنه «انتهك المادة (5) من عقده الاحترافي التي تنص على أنه يتعين عليه أن يحافظ على سمعة النادي وأعضائه، ويحترم واجب السرية فيما يتعلق بالامتناع عن الإدلاء بتصريحات مادية أو مسيئة تستهدف النادي».

ورداً على التسريب، قال إيتو لصحيفة «غازيتا ديلو سبورت» الإيطالية في يونيو (حزيران) الماضي إنه كان «يتحدث إلى صديق، وشخص يستثمر في كرة القدم ويريد أن يجعل ناديه واحداً من أفضل الأندية في الكاميرون». وقال: «لقد طمأنته فقط بالقول إنني سأفعل كل ما هو ممكن لتجنب وقوع أي أخطاء تحكيمية ضده».

وكان منصب إيتو كرئيس للاتحاد الكاميروني لكرة القدم يتعرض بالفعل لضغوط شديدة بعد سلسلة من الأحداث التي تضمنت «مشاجرة عنيفة» مع صحافي جزائري خلال نهائيات كأس العالم في قطر العام الماضي. وفي يونيو 2022، اعترف المهاجم الكاميروني السابق بالذنب في تهمة احتيال ضريبي بقيمة ثلاثة ملايين جنيه إسترليني فيما يتعلق بحقوق صوره أثناء اللعب في إسبانيا، وحُكم عليه بالسجن لمدة 22 شهراً مع وقف التنفيذ وغرامة قدرها 1.4 مليون جنيه إسترليني، وهي الإدانة التي يرى كثيرون أنها يجب أن تمنعه من رئاسة الاتحاد الكاميروني لكرة القدم.

كما تعرض إيتو لانتقادات شديدة بسبب قيامه بدور سفير مع شركة مراهنات رياضية وتغيير فترة ولاية رئيس الاتحاد الكاميروني لكرة القدم من أربع سنوات إلى سبع سنوات. وقال بعض الصحافيين لصحيفة «الغارديان» إنهم يخشون حضور المؤتمرات الصحافية خوفاً من الاتهامات المتبادلة بسبب تقاريرهم الانتقادية لإيتو وغيره من مسؤولي الاتحاد الكاميروني لكرة القدم.

تصرفات ايتو كأداري لوثت تاريخه كلاعب (اب)cut out

وفتح الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف) تحقيقا في «بعض السلوكيات غير اللائقة المزعومة» من قبل إيتو في أوائل أغسطس (آب)، لكنه لم يتخذ أي إجراء ضده. لكن الشرطة الكاميرونية اضطرت لفتح تحقيق رسمي في التسجيل المسرب بعدما أرسل كثير من مسؤولي كرة القدم البارزين في البلاد الأسبوع الماضي رسالة بشكل مشترك إلى رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، جياني إنفانتينو، ورئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، باتريس موتسيبي، والتي تساءلت عن كيفية السماح لإيتو بمواصلة «فرض نفسه بشكل غير قانوني على رئاسة الاتحاد الكاميروني لكرة القدم».

وقال نكوين، الذي يزعم أنه أنفق أكثر من 1.3 مليون جنيه إسترليني منذ استحواذه على نادي فيكتوريا يونايتد العام الماضي، في بيان من خلال النادي إنه لا يعرف شيئا عن «هذه الرسالة الصوتية المزعومة». وجاء في البيان: «في ظل كل ما يفعله ناد شعبي مثل فيكتوريا يونايتد من أجل الجنوب الغربي والكرة الكاميرونية، لا يمكننا قبول هذا التلاعب وهذه الأكاذيب وهذا التزييف». وأضاف: «يعمل محامونا على تقديم شكوى ضد الأشخاص المسؤولين عن تداول هذه الشائعات الكاذبة، حتى يتمكنوا من إثبات صحة ومصدر الملاحظات الصوتية وغيرها من المعلومات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي».

لكن الأدلة الجديدة التي قدمها موقع Camfoot يوم الاثنين قد تكون حاسمة في هذا الأمر. لقد طلب الموقع من شركة «إيرشوت» المتخصصة في تحليل الأصوات، ومقرها لندن، تحليل هذا التسجيل الصوتي، وتوصلت شركة «إيرشوت» إلى أنه لم يتم التلاعب به وأن الأصوات تخص بالفعل نكوين وإيتو. وكتب موقع كامفوت: «إنكار نكوين وجود المحادثة كان ينبغي أن يؤدي إلى إحالته إلى لجنة الأخلاقيات التابعة للاتحاد الكاميروني لكرة القدم، لكن لم يحدث شيء حتى الآن». وأضاف: «وبالتالي فإن تقرير الخبير المستقل يضع حداً لجميع التكهنات المثارة بشأن صحة التسجيل الصوتي، وموقع Camfoot يجعل هذا التقرير متاحا أمام السلطات القضائية ولجنة الأخلاقيات في الاتحاد الكاميروني لكرة القدم، والاتحاد الأفريقي لكرة القدم، والاتحاد الدولي لكرة القدم». ولم يرد أي من هؤلاء على أسئلة من «الغارديان» بهذا الشأن. ولم يعلق إيتو ولا نكوين منذ التحقيق الذي فتحته الشرطة.

* خدمة «الغارديان» المحادثة المسربة والأدلة الجديدة أثبتت مؤامرة بين نكوين وإيتو لتصعيد نادي فيكتوريا يونايتد



المصدر

صالح علي

كاتب ومحرر صحفي

لقد التقوا بالطريقة القديمة: لعب كرة المراوغة المتوهجة في الظلام

يجب على الرئيس “تحمل المسؤولية” و”عكس المسار”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *