130 ملصقاً ترويجياً تترجم أهمية لبنان في عيون العالم


في منزل فيليب جبر في بلدة بيت شباب، يُنظّم معرض فني لنحو 130 ملصقاً قديماً، تحكي جميعها عن لبنان أيام العزّ، عندما كانت شركات طيران غربية تروّج له خارج لبنان.

تغمرك الملصقات المعروضة عن لبنان بمشاعر متناقضة، فتتفرج عليها بغصة وأنت تقارن ما بين لبنان الأمس واليوم. وتبتسم لا شعورياً وأنت تستذكر أياماً خلت.

على مدى سنوات طويلة بدأ فيليب جبر بعملية جمع هذه الملصقات، تحديداً منذ عام 1989، عندما التقى غابي الضاهر بفيليب جبر في العاصمة البريطانية لندن. يومها، كان الضاهر يسكن في العاصمة الفرنسية باريس، المكان المثالي لإيجاد هذا النوع من الملصقات. فهي بغالبيتها أُنجزت في أوروبا والولايات المتحدة. ومن هناك بدأ مشوار البحث عن هذا الكنز الفني المنفذ بأنامل فنانين أجانب.

الملصق السياحي النادر الموجود في المعرض (غابي الضاهر)

فيليب جبر لبناني يقيم في الخارج منذ سنوات، ويهوى جمع القطع الفنية القديمة المرتبطة بلبنان، حين كان يُعرف بـ«سويسرا الشرق». ومن هذا المنطلق يملك مجموعات فنية كبيرة من لوحات وصور وكتب تخص لبنان في تلك الحقبة. انطلق الرجلان معاً في رحلة فنية جديدة تتمثل بالعثور على أقدم الملصقات الخاصة بلبنان. وبالفعل تفاجآ بكميات كبيرة منها في بلاد الغرب. فراحا يلاحقانها ويجمعانها لما تؤلفه من قيمة فنية نادرة.

كان الهدف من صناعة هذه الملصقات في حقبة قديمة هو الترويج لزيارة السائحين الأجانب للبنان. وكانت الشركات السياحية تستثمرها من شركات الطيران ووكالات السفر، فتحرك عجلة أعمالها نحو وجهة طيران مختلفة قليلون من الأجانب يعرفونها. وتلقي الملصقات الضوء على مناطق من لبنان، وأحياناً تستخدم صور شخصيات مشهورة، فتكون بمثابة تذكير ببلاد الأرز وشهرتها عبر العالم. فيما تحكي أخرى عن القاهرة وسوريا ومصر.

يشير غابي الضاهر في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه الملصقات لم تكن مخصصة للأسواق اللبنانية. ويتابع: «كانت بغالبيتها معدّة للترويج السياحي عن لبنان انطلاقاً من بلاد الغرب».

جانب من المعرض في بيت شباب (غابي الضاهر)

ويؤكد الضاهر أن قيمتها تكمن في التقنية المستخدمة فيها. فتبدو كلوحات مرسومة تتألف من أكثر من 17 لوناً تطبع الذاكرة. وهذه التقنية المكلفة استُبدلت اليوم بالطباعة.

وتعد مجموعة «بي إل إم» (سكة الحديد التي تصل بين باريس وليون في المتوسط)، واحدة من أهم المجموعات المعروضة. وقد حُصِل عليها في الألفية الثانية، تحكي أربع منها عن لبنان، واثنتان عن سوريا. وقد تُرجمت واحدة منها إلى العربية، بهدف حضّ المصريين على زيارة البلدين أيام الانتداب الفرنسي.

غابي الضاهر يشرح أهمية الملصقات المعروضة (غابي الضاهر)

ومن المجموعات اللافتة في المعرض أيضاً، تلك الخاصة بشركة الطيران الأميركية «بانام» (PanAm)، وتُعدّ كاملة، وبعضٌ من ملصقاتها تُرجمت إلى أكثر من لغة.

ويوضح الضاهر: «واحد منها كما ترين هنا يحمل صورة لملكة جمال لبنان لعام 1962 نهاد كبابة. فلقد اختارتها الشركة المذكورة مع نحو 20 شابة أخرى من بلدان مختلفة. أمّا الغاية من اختيارهن فتعود إلى سلسلة ملصقات خاصة بـ«بانام» أطلقتها في الستينات بعنوان «نساء من العالم».

لكل ملصق معروض قصته، التي تكشف أسرار العبارات التي يحملها والهدف من رسمها. ويروي الضاهر: «هذا الملصق عن آل الضاهر، أُطلق من مدينة مرسيليا الفرنسية، وكانت تعدّ موطئ قدم آل الضاهر من مدينة حلب السورية. الذين اشتهروا بأعمالهم الناجحة في الشحن البحري».

ومن بين الملصقات النادرة في المعرض واحد للخطوط الجوية اللبنانية (Air Liban). ويعلق الضاهر: «لم تنشر الشركة نفسها، ما يشبهه من بعدها، لأن صورة الملصق لا تمثّل الهندسة اللبنانية العريقة كما تَرون. بل تميل أكثر إلى الهندسة المغربية. والمدينة المصورة تشبه بغداد أكثر من بيروت كما هو ملاحظ».

نهاد كبابة ملكة جمال لبنان لعام 1962 (غابي الضاهر)

تتنوع موضوعات الملصقات المعروضة بين مناطق لبنانية وسورية، وأخرى تشير إلى مواقع أثرية، فنشاهد فيها قلعة بعلبك، والبحر المتوسط، والبركة الحجرية، وهي رمز من رموز العمارة العريقة. «زوروا لبنان»، و«أهلاً بكم في لبنان» و«لبنان بوابة الشرق» وغيرها من العبارات، تُعَنوِن غالبية الملصقات المعروضة. فيما أخرى وتحت عنوان «لبنان» تحمل صوراً عن شمسه وبحره.

وفي ملصق آخر يحمل عنوان «الخطوط الجوية اللبنانية»، نشاهد جبال لبنان تكسوها الثلوج. وفي أخرى تطلّ أشجار الأرز، رمز لبنان السرمدي. وفي ثالثة تبدو فيها طائرة تحلّق في سماء زرقاء كُتب عليها «بوابة».

بعد هذه المرحلة تأسست شركة «طيران الشرق الأوسط» (MEA): «كانت يومها تتبع للطيران الفرنسي (إير فرانس) (AIR France). وكانت شركة (أورياك) الفرنسية تهتم بتنفيذ ملصقاتها فاعتمدتها أيضاً الشركة اللبنانية».

رحلات مباشرة بين بيروت وباريس مع خطوط طيران «الشرق الأوسط»… (غابي الضاهر)

«أورياك» حينها كانت من أهم وأشهر شركات تصميم الإعلانات التجارية. وكانت تهتم بتنفيذ ملصقات للترويج للسياحة فيها. وهذه المهمة أوكلتها إليها شركات طيران في بالي وبلاد الغال و«إير فرانس» وشركة «ميشلان».

ويختم الضاهر لـ«الشرق الأوسط»: «على ما يبدو فإن شركة الطيران الفرنسية (AIR FRANCE) هي التي أوصلت (أورياك) إلى شركة (طيران الشرق الأوسط). وقد طُبعت هذه الملصقات بست لغات مختلفة».



المصدر

صالح علي

كاتب ومحرر صحفي

حماس عاملتني بشكل جيد بعد التعرض للضرب في البداية

السجن لرجل من مانشستر رتب لاغتصاب طفلة تبلغ من العمر 12 أسبوعًا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *