هو او هي؟ جدل حول جنس “المحارب العظيم”


ولا تزال الاكتشافات الأثرية المهمة تكشف أسرارها مع مرور الزمن، وباستخدام الوسائل الحديثة، وهذا ما حدث لقبر محارب الفايكنج “العظيم” الذي عثر عليه في بلدة بيركا بالسويد عام 1878.

ويعود تاريخ المقبرة إلى القرن العاشر الميلادي، وقد عثر عليها في غرفة تحت الأرض. ودُفن المحارب في وضعية الجلوس ومعه حصانان، بالإضافة إلى ترسانة من الأسلحة القديمة تتكون من سيف وفأس وسكاكين ورماح ودروع وسهام.

كما تم العثور في موقع الدفن هذا على لوحة ألعاب تحتوي على 28 قطعة تشبه النرد مصنوعة من قرن الوعل، والتي كان من المفترض أن تستخدم في رسم الخطط العسكرية، مما دفع العلماء إلى الاعتقاد بأن البقايا تنتمي إلى قائد عسكري كبير من الفايكنج. وهو مصطلح يطلق على المقاتلين الشرسين والبحارة المهرة الذين عاشوا في المناطق الإسكندنافية، والتي تشمل السويد والدنمارك والنرويج وأيسلندا. وشنوا غارات على أجزاء من أوروبا، وخاصة السواحل البريطانية والفرنسية، بين القرنين الثامن والحادي عشر.

أصبحت مقبرة هذا المحارب مهمة لأنها كانت واحدة من اثنتين من أصل 1100 مقبرة مماثلة تم العثور عليها في مقبرة بيركا، والتي تضمنت مجموعة كاملة من الأسلحة.

ويكتسب القبر أهمية أيضًا لأنه يقع غرب مدينة بيركا السويدية، في موقع يمكن رؤيته من البحر والبر. ويتميز الموقع بوجود صخرة حجرية كبيرة، من المفترض أن تحدد هوية صاحب القبر باعتباره زعيمًا رفيع المستوى داخل مجتمعه.

توصف مستوطنة بيركا، الواقعة في جزيرة بيورك في الجزء الشرقي من وسط السويد، بأنها المركز الحضاري الأول في المنطقة، وكانت مركزاً تجارياً رئيسياً بين القرنين الثامن والعاشر.

ويدعم الاعتقاد بأن القبر ينتمي إلى أحد كبار محاربي الفايكنج المحترفين، وجود عدد كبير من الأسلحة وحصانين، بالإضافة إلى عدم وجود أي أدوات زراعية أو ما شابه. اقترح الخبراء أن المحارب من المحتمل أن يكون فارسًا مشهورًا في عصره ورامي سهام.

وظل هذا الاعتقاد قائما لأكثر من 125 عاما، ولكن حدثت المفاجأة في عام 1970، عندما تم تحليل عظام القبر. وأظهر التحليل أن الهيكل العظمي لهذا “المحارب”، الذي يتميز ببنية نحيلة، يعود لامرأة وليس لرجل.

وظل الشك قائما حتى ظهرت أدلة قاطعة في عام 2017. ثم نُشرت نتائج تحليل الحمض النووي لرفات المحارب، مؤكدة أن رفات المحارب البالغ من العمر ما يقرب من 1000 عام والذي كان يمتلك ترسانة من الأسلحة وأدوات التخطيط القتالي تعود لامرأة. ، ويقدر عمره بأكثر من ثلاثين عامًا.

وعلى الفور نشأ جدل واسع النطاق في الأوساط العلمية المعنية بعد ظهور هذه النتائج. ورغم شيوع العثور على أسلحة في مقابر نساء الفايكنج، إلا أن بعض الخبراء انتقدوا ما تم الإعلان عنه بشأن هذا القبر المميز، مشككين في أن القائمين على تحليل الحمض النووي قاموا بتحليل العظام الصحيحة، مشيرين إلى احتمال دفن امرأة مع المحارب، بينما وأشار البعض إلى احتمال أن يكون القبر قبر “متحول جنسي”.

وفيما يتعلق باحتمال أن يكون القبر لشخص متحول جنسيا، رد القائمون على الدراسة بالقول إن هذا مصطلح سياسي وفكري غربي حديث ولا ينطبق على مجتمع قديم، مؤكدين أن جميع العظام الموجودة داخل القبر “PG” “581” تعود لامرأة واحدة، وهي مطابقة للملاحظات والرسومات التي كتبها المكتشف. القبر عام 1878.

وأكد خبراء الدراسة الجينية أن “الاستنتاج الأكثر وضوحا ومنطقية” هو أن صاحبة ذلك القبر كانت امرأة عاشت محاربة محترفة ودُفنت وفق هذه الحالة.

وربما يستمر المعارضون في التشبث بآرائهم، لكن المحاربة في قبر بلدة بيركا السودانية، كما تؤكد التحليلات العلمية الدقيقة، هي امرأة حاربت الرجال في ساحة المعركة ودُفنت بالتبجيل الذي يستحقه المحاربون.





المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *