هل ألقى الجيش الإسرائيلي علبا غذائية مصبرة مفخخة في قطاع غزة؟ ففي مقطع فيديو لاقى رواجا على وسائل التواصل الاجتماعي، يعرض مستخدم إنترنت في غزة علبا مصبرة لأغذية وصفها بأنها مفخخة بالمتفجرات واتهم الجيش الإسرائيلي بتركها في مدرسة. ولكن هذه العلب ليست فخا إذ مكتوب عليها بوضوح أنها تحتوي على ذخائر متفجرة ولا تنفجر بعد فتحها، وفق ما أكده مختص في المتفجرات لفريق تحرير مراقبون كما أنه لا شيء يثبت أن هذه العلب المتفجرة تعود للجيش الإسرائيلي.
نشرت في:
7 دقائق
حرر هذا المقال: ناتان غالو وفاطمة بن حمد
عملية التحقق في سطور
- يعرض مقطع فيديو التقطه مستخدم إنترنت في قطاع غزة اتهامات للجيش الإسرائيلي بالرغبة في نصب فخ لسكان غزة من خلال إخفاء متفجرات داخل علب غذائية مصبرة من المفترض أنها تحتوي على “اللحم”
- ولكن هذا العلب الظاهرة في التسجيل المصور لا تتعلق بفخ إذ كتب على هذه العلب بوضوح أنها تحتوي على مواد عسكرية تتعلق بـ”وقيد” ذخائر. وهو ما يؤكده خبير في الموضوع.
- لا تتفجر هذه المواد خلال فتح العلب الحديدية والتي لا تمثل سوى وعاء لها.
عملية التحقق بالتفصيل
هل ترك الجيش الإسرائيلي “علبا غدائية مزيفة” في غزة؟ ففي الوقت الذي تطلق فيه منظمات غير حكومية صيحة فزع بشأن خطر المجاعة في القطاع المحاصر، لاقى مقطع فيديو لمستخدم إنترنت يحذر فيه من وجود علب أغذية مصبرة قام الجيش الإسرائيلي بتفخيخها، رواجا واسعا على شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي هذا التسجيل المصور، قام رجل بتصوير نحو عشرة علب حديدة سوداء صغيرة كانت ملقاة على الأرض ويقول “هذه العلب هي للتصبير ويوجد داخلها وقيد .. شديدة الخطورة”
ويؤكد هذا الأخير أيضا أن فريق تفكيك المتفجرات التابع لمحافظة مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة هو من عثر عليها داخل مدرسة، مضيفا بأنه تم توزيع هذه العلب المصبرة على أنها تحتوي على “اللحم”، وتركها الجيش الإسرائيلي وراء قبل خروجه.
“عندما يتم فتح العلبة بطريقة أو بأخرى فإنها تنفجر مباشرة، ما يمكن أن يؤدي إلى فقدان أعضاء أو قتل أطفال قد يستخدمونها في اللعب” يقول مستخدم الإنترنت نفسه وهو يعرض مختلف المواد التي وجدها داخل العلبة.
منذ نشر هذا التسجيل المصور، ادعت بعض الحسابات على منصة إكس بأن الجيش الإسرائيلي هو من ألقى هذه الفخاخ المزعومة “التي ستتفجر مباشرة بعد فتحها”.
“ألقت طائرات إسرائيلية متفجرات مفخخة داخل علب مصبرات للإيقاع بالنازحين المهددين بالمجاعة في جنوب قطاع غزة” هذا ما كبته الحساب المتخصص في الأخبار الفلسطينية “تايمز أوف غزة Times of Gaza” في تغريدة على منصة إكس نشرت في 24 كانون الثاين/ يناير الجاري وحصدت أكثر من 150 ألف مشاهدة.
وتداول حساب “قدس نيوز نتوورك Quds News Network” بدوره نفس المعلومة في تغريدة على منصة إكس حصدت أكثر من مليوني مشاهدة مؤكدا أن “طفلين قتلا بهذه العلب المصبرة المخففة”. كما تم تناقل المعلومة على حسابات أخرى ناطقة باللغة العربية، مثلا هنا وهنا.
وقيد ذخائر معروف، وليس متفجرات مفخخة
إلا أن هذه العلب الحديدية ليست في الحقيقة متفجرات مفخخة. إذ أنها معروفة بكثرة من خبراء الذخائر والمفتجرات وتحتوي على وقيد مخصص لإيقاد الذخائر.
“هذه العلب الحديدية مخصصة لتوفير ظروف حفظ وحماية وقيد مضغوط ميكانيكيا من طراز إم 603 وهو مخصص للذخائر المضادة للدبابات والعربات العسكرية المصنعة في أمريكا” وفق تأكيد حاج بوداني العسكري السابق في جيش البر والمستشار المتخصص اليوم في ميدان EOD “إي أو دي” ( (Explosive Ordnance Disposal باللغة الإنكليزية، وذلك في اتصال مع فريق تحرير مراقبون فرانس24. وهي نفس وجهة النظر التي يتبناها الحساب على منصة إكس المختص في الأسلحة “كاليبر أوبسكوريا Calibre Obscura.”
في نسخة أطول من المقطع المسجل، تم تحديد إحدى العلب الحديدية بوضوح من خلال العبارة التالية “Fuze mine”،فوز ماين (وقيد/ موقد ذخائر باللغة الفرنسية) التي كتب على جانب إحدى هذه العلب.
لا متفجرات عند فتح العلب
ما هي خطورة هذه المواد؟ مجرد فتح هذه العلب لا يتسبب في أي تفجير، وفق تأكيد حاج بوداني الذي يوضح بأن مهمة هذه العلب تقتصر على حماية وقيد التفجير خلال تخزينه والتحرك به. “عندما يتم فتح العلبة يتم إخراج الوقيد”.
وفق ما تؤكده الوثيقة المتاحة على الإنترنت، خصوصا على موقع مختص في المتفجرات (كات -إكسو CAT-UXO)، يتم استخدام هذا الوقيد عموما في إيقاد ذخائر مضادة للدبابات من طراز “إم 15”. وبما أنها ذات استخدام واحد، “فإنها لا تفيد في أي شيء آخر” وفق وصف حاج بوداني ولكن “بالرغم من ذلك، هذا الوقيد يمكن أن يمثل خطرا إذا ما تم اللهو به” حسب ما أضافه الخبير في الذخائر وذلك لأنها تحتوي على شحنة متفجرة صغيرة وبدائية مخصصة لإيقاد الذخائر. ولكن “إذا لم نقم بضغط عنيف عليها، فإنها لن تتسبب في أي ضرر”
“خطر مجاعة محدق” في قطاع غزة
زد على ذلك أنه لا يمكن تحديد ما إذا كان “وقيد المتفجرات” هذا يعود للجيش الإسرائيلي أم لا. وبما أن هذا النوع من المواد العسكرية منتشر بكثرة، من الممكن أن يتم استخدامه من إسرائيل أو من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” وفق تقدير حاج بوداني.
وفي كل الأحوال، فإنه من السهل بمكان تحديد طبيعة هذه المواد من خلال التسجيل المصور. ويبقى من المستبعد بشدة، بالنظر إلى الغاية من استخدامها، أن القوات المسلحة الإسرائيلية كانت تريد إيقاع سكان قطاع غزة في فخ من خلال إلقاءها.
منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي وهجوم حماس المباغت على إسرائيل، لا تنفك الأوضاع الإنسانية عن مزيد من التدهور في غزة. وفي 23 كانون الثاني/ يناير الجاري، حذر برنامج الغذاء العالمي من أن القطاع أمام “خطر مجاعة محدق”.
“مع كل يوم يمر، نتجه بطبيعة الحال إلى وضع أكثر مأساوية”. وفق تأكيد عبير عطيفة المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي في منطقة الشرق الأوسط وذلك في نقطة إعلامية دورية في مقر الأمم المتحدة في جنيف.
“أكثر من نصف مليون شخص في قطاع غزة معرضون لمستويات مأساوية من نقص الغذاء وخطر المجاعة يزداد بمرور كل يوم لأن الحرب تحد من توزيع مساعدة غذائية حياتية للأشخاص المحتاجين لها” وفق تصريح عبير عطيفة
اكتشاف المزيد من صحيفة دي إي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.