أسر تتجه إلى خليج غوانتانامو سعياً وراء العدالة بقضية تفجيرات بالي
كان فرنك هيفرنان يظن أن ابنته، ميغان، في كوريا الجنوبية، حيث كانت تعمل معلمة لغة إنجليزية، عندما سمع نبأ الهجوم الإرهابي المدمر على جزيرة بالي الإندونيسية في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2002.
وبعد ذلك، فوجئ باتصال من وزارة الخارجية لإخطاره بأن ميغان هيفرنان، 28 عاماً، التي وُلدت ونشأت في ألاسكا، وكانت شغوفة بالسفر، كانت من بين 202 شخص قُتلوا في التفجيرات التي نفذتها إحدى الجماعات التابعة لتنظيم «القاعدة» داخل حانة وملهى متجاورين في بالي، حيث كانت تقضي إجازة هناك مع بعض الأصدقاء.
وقال هيفرنان، وهو يمسح عينيه بمنديل في منزله في فلوريدا: «لا يمر يوم دون أن أفكر فيها»، وفق تقرير لـ«نيويورك تايمز»، الأحد.
وفي أسلوب إرهابي وحشي عشوائي، أدى التفجير إلى مقتل سائحين وعمال من 22 دولة تصادف وجودهم في منطقة تجارية، بينهم 38 إندونيسياً. وكان من بين القتلى مواطنون أستراليون وبريطانيون كانوا هناك لحضور مباراة للرغبي، وأميركيون متحمسون لممارسة رياضة ركوب الأمواج. وكانت ميغان وصديقان كوريان في الخارج لزيارة عدد من المعالم السياحية عندما انفجرت القنابل.
والآن، بعد مرور 20 عاماً، يتجه العشرات من أقاربهم إلى خليج غوانتانامو، في الجزء الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة من كوبا. وهناك، من المقرر أن يمثلوا القتلى أمام هيئة محلفين عسكرية مكلفة بإصدار حكم بالسجن على رجلين ماليزيين اعترفا بتورطهما في التآمر في التفجيرات.
ومن بين المشاركين بهذه الرحلة إلى غوانتانامو، هيفرنان. أما والدة ميغان، وتدعى ساندرا، فقد توفيت جراء إصابتها بفيروس «كورونا» منذ 3 سنوات.
وقال هيفرنان إنه سوف يعرب أمام هيئة المحكمة عن الخسارة الحقيقية التي مُني بها بفقدانه «ابنته، وهي فتاة حكيمة ومتدينة للغاية، وتعشق السفر».
وقال إنه يثق بالمحكمة – القاضي وهيئة المحلفين العسكرية التي من المتوقع أن تجتمع الأسبوع المقبل – وقدرتها على إصدار حكم عادل.
وقالت بوني هول، زوجة هيفرنان الحالية، عن السجناء الذين تحتجزهم الولايات المتحدة منذ عام 2003، في البداية لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، ثم منذ عام 2006 داخل خليج غوانتانامو: «نحن لا نعرف حتى إن كان هذان الرجلان متورطين بالحادث».
وفي مقابلة أُجريت معه، قال هيفرنان إنه لم يحاول فهم السبب وراء الهجوم.
وكتب في بيان قدمه للمحكمة: «مهما كان المنطق الفاسد والملتوي وراء التفجير، سواء كان ذلك بسبب الحكومة أو الدين أو الاختلافات الوطنية، فقد كلف التفجير حياة 202 شخص».
وأضاف أن الهجوم ترك «وجعاً أبدياً للآلاف من أقارب وأصدقاء الضحايا».
جدير بالذكر أن المدعين لم يقترحوا مطلقاً عقوبة الإعدام في قضية تفجيرات بالي التي تضم 3 متهمين، على عكس قضية هجمات 11 سبتمبر (أيلول) في غوانتانامو. الآن، مع إقرار المتهمين بالذنب هذا الأسبوع، سيمثل رجل إندونيسي يعرف باسم حنبلي أمام المحكمة بوصفه «العقل العملياتي المدبر» وعضو «الجماعة الإسلامية»، التي دبرت التفجير. ويمكن أن تبدأ المحاكمة العام المقبل.
وقال هيفرنان إنه أصبح معارضاً لعقوبة الإعدام منذ سنوات بعد زيارته مدينة الفاتيكان، حيث التقى البابا يوحنا بولس الثاني. وأضاف أن ذلك كان نوعاً من الغطاس الذي جعله يتماشى مع «اللاهوت المناهض لعقوبة الإعدام».
وأضاف: «بجانب ذلك، ونظراً لأني رجل كبير في السن، أدرك أنه إذا جرى منحك ما يكفي من النعمة لتعيش كل هذه المدة، يمكنك النظر إلى الوراء والندم على الأشياء التي اقترفتها سابقاً».
وفي كل عام منذ وفاتها، يحتفل هيفرنان بعيد ميلاد ابنته، في 12 ديسمبر (كانون الأول)، من خلال التبرع بمجموعة من الملابس الأرجوانية، اللون المفضل لديها، للكاهن ليرتديها أثناء الاحتفال بالقداس. وحملت كل قطعة ملابس منها بطاقة صغيرة تخلد ذكرى ابنته.
بحلول وقت وفاتها، كانت ميغان هيفرنان قد تزلجت في الأرجنتين، وقامت برحلة أثناء المدرسة الثانوية إلى اليونان، وزارت آيرلندا مع شقيقها الأكبر مايكل، وشقيقتها الصغرى مورين وزوجها. وتحمّل والدهم ثمن الرحلة، لكنه لم يرافقهم خوفاً من أن يفسد الأجواء المرحة للرحلة.
وسافرت ميغان في جميع أنحاء آسيا إلى اليابان وتايوان وتايلاند. وقال والدها إنها ذهبت من الصين إلى فيتنام على متن قوارب نهرية عبر نهر ميكونغ، واستقلت حافلة إلى هانوي. وكان هيفرنان قد زار بعض تلك الأماكن خلال حرب فيتنام عندما كان يعمل طياراً خلال عامي 1967 و1968 لطائرة هليكوبتر تابعة للجيش، وحصل على وسام الطيران المتميز لشجاعته. وقال هيفرنان: «كانت تذهب إلى مكان ما، وتخبرنا برحلتها في وقت لاحق».
وقد اتصلت وزارة الخارجية بهيفرنان في غضون يوم أو نحو ذلك من التفجيرات. وعلم هيفرنان أن ابنته كانت في إجازة في إندونيسيا، في وقت كان فيه عمال الإنقاذ في بالي، الواقعة على مسافة 13 منطقة زمنية، يحاولون التعرف على الناجين والمصابين والمفقودين.
وفي المكالمة التالية، طلب مسؤولو الخارجية سجلات أسنان ميغان. وقال هيفرنان إنه عندها بدأ بالصلاة من أجل المغفرة عن أي أخطاء ارتكبها على طول الطريق في تربية ابنته الكبرى.