«الشرق الأوسط» تكشف تفاصيل العمليات الإسرائيلية لمحاولات تحرير الرهائن
كشفت مصادر ميدانية في الفصائل المسلحة الفلسطينية في قطاع غزة تفاصيل جديدة ومثيرة حول العمليات التي تنفذها قوات إسرائيلية خاصة لتحرير المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، سواء الأحياء أو الأموات.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن إسرائيل تستخدم قوات خاصة صغيرة من أشخاص «مستعربين» في تنفيذ الهجوم على مواقع يعتقدون أن بها أسرى أحياء، كما تبحث هذه القوات في مقابر محددة عن جثث إسرائيليين يعتقد أنهم دفنوا فيها.
وتحدثت المصادر عن 3 عمليات، واحدة نجحت في تحرير محتجزة، والثانية فشلت، والثالثة تمكنت فيها القوات من استخراج جثامين إسرائيليين من إحدى المقابر. وأضافت أن العملية التي نجحت فيها القوات الإسرائيلية هي التي استطاعت فيها استعادة المجندة أوري ميحيديش، وقد تزامنت مع ليلة بدء العملية البرية الموسعة في قطاع غزة في 27 أكتوبر (تشرين الأول)، ونفذت بشكل سريع ودقيق، وسط غطاء جوي كثيف، واستنفار لقوات عسكرية قرب الحدود الشمالية الغربية للقطاع.
تحرير المجندة ميحيديش
كما كشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن العملية الخاصة تمت داخل منزل في شارع حميد بمخيم الشاطئ، غرب مدينة غزة، عندما تسللت قوة إسرائيلية خاصة للمخيم، باستخدام مركبة إسعاف كان بداخلها مسلحان من أفراد القوة، اقتحما المنزل وأطلقا النار على اثنين من الآسرين، فيما تمكن ثالث من النجاة، وحررا الأسيرة الإسرائيلية من المنزل، وعادا بها إلى إسرائيل.
وتبين من تحقيقات ميدانية أجرتها «حماس» أن القوة تسللت من محور منطقة شمال غربي القطاع قرب العطاطرة ومنها إلى مخيم الشاطئ الساحلي، ومن طرق أخرى في المخيم ومحيطه عادت للطريق الساحلي ومنه إلى مكان تمركز قواتها.
ووفقاً للتحقيقات، فإن منفذيّ العملية من القوة الإسرائيلية كانا يتحدثان اللغة العربية بطلاقة، وعندما وصلا المنزل كانا يحملان مسدسات كاتم صوت وهاجما المكان، وأطلقا النار فوراً على من بداخل المنزل، ثم عرّفا على نفسيهما للأسيرة، واقتاداها إلى الحدود الشمالية الغربية مع بلدة بيت لاهيا.
وأضافت المصادر أن مركبة تحمل لوحة تسجيل فلسطينية كانت ترافق القوة للتدخل عند أي طارئ، بينما حلقت الطائرات الحربية بشكل مكثف وقادت عملية غطاء جوي من خلال شن غارات وهمية في محيط المنطقة، وشن غارات حقيقية في محيط مناطق حي الرمال وغيره من المناطق القريبة.
وبعد نجاح العملية، بحوالي ساعتين قصفت الطائرات الحربية المنزل الذي كانت توجد به الأسيرة الإسرائيلية، كما نفذت حزاماً نارياً عنيفاً بمنطقة شارع حميد ومحيطه. وحسب المصادر، فإن الأسيرة كانت لدى مجموعة مسلحة صغيرة، وتم نقلها للمنزل الذي شهد عملية تحريرها من أجل تسليمها لعناصر «كتائب القسام»، إلا أن المخابرات الإسرائيلية تمكنت من رصد تلك التحركات ونجحت في الوصول إليها بعد تسليمها لـ«القسام» بساعات قليلة، وقبل أن تنجح «الكتائب» في نقلها إلى مكان آخر آمن.
كانت «كتائب القسام» آنذاك قد نفت على لسان الناطق باسمها من خلال تسجيل صوتي، رواية إسرائيل حول تحرير المجندة، مؤكدة أنه لو كان ذلك قد حصل بالفعل، فلربما كانت المجندة الإسرائيلية محتجزة من قبل جهات لا علاقة لها بـ«الكتائب».
العملية الفاشلة
أما العملية الفاشلة فتمت فجر الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عندما تسللت قوة إسرائيلية خاصة إلى مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة باتجاه مكان وجود أحد الجنود الإسرائيليين الأسرى، وهي العملية التي تسببت في قتل وإصابة عدد من أفراد الوحدة المنفذة ومجموعة من آسريه، إضافة إلى الجندي الأسير المستهدف إطلاق سراحه.
ووقعت الحادثة أيضاً في منزل صغير مجاور لإحدى المدارس بالمخيم، حيث يوجد في المدرسة آلاف النازحين. وحسب المصادر تمكنت القوة من التسلل من خلال مركبتين مدنيتين تحملان لوحة تسجيل فلسطينية، ووصلتا إلى أعتاب المنزل قبل أن تكتشفها عناصر «القسام» الذين اشتبكوا معها وسط تحليق مكثف للطائرات الحربية الإسرائيلية.
ومع تصاعد الاشتباكات لأكثر من 40 دقيقة، تمكنت القوة من الدخول إلى المكان المستهدف ومحاولة تحرير الجندي، واضطر الجيش الإسرائيلي لإشراك الطيران الحربي الذي قصف محيط المنطقة لمنع حصار القوة الخاصة من قبل أي مسلحين فلسطينيين إضافيين، خصوصاً بعد إصابة عدد من أفراد القوة التي اضطرت لأن تنسحب من المكان، وسط إطلاق ناري عنيف، باتجاه المنطقة الساحلية للنصيرات.
وقالت «كتائب القسام»، فجر ذلك اليوم، إن قواتها أفشلت محاولة قوة خاصة إسرائيلية أثناء محاولتها التقدم لتحرير أحد الأسرى والاشتباك معها، ما أدى إلى مقتل وإصابة أفراد القوة، وتدخل الطيران الحربي وقصف المكان بسلسلة من الغارات للتغطية على انسحابهم.
مقتل الجندي الأسير
وأشارت «كتائب القسام»، حينها، إلى أن الاشتباك أدى إلى مقتل الجندي الأسير ساعر باروخ (25 عاماً)، ويحمل بطاقة رقم 207775032، والسيطرة على سلاح أحد الجنود الإسرائيليين وجهاز الاتصال الخاص بالقوة المهاجمة. واعترفت حينها إسرائيل بإصابة جنديين بجروح خطيرة، وفشل مهمة إنقاذ الجندي الأسير.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن غارات كثيرة إسرائيلية فشلت بعدما اتضح أنه لا يوجد محتجزون، وبعضها لم يستطع الوصول إلى المواقع المستهدفة. وتحاول إسرائيل الوصول إلى أسراها عوضاً عن عقد صفقات تبادل، كما تبحث عن أي جثث محتملة في غزة.
وقالت المصادر إن الجيش الإسرائيلي نجح في العثور على بعض الجثث من خلال انتشال جثامين في مقابر وإجراء فحوصات عليها. وأكدت المصادر أن الجيش استخرج جثثاً من مقابر عامة ومقابر مؤقتة فتحت خلال الحرب في بعض الساحات، وكان يتم ترقيمها من قبل الفصائل الفلسطينية لمعرفتها عند الحاجة وتسليمها عند إتمام أي صفقة تبادل في هذا الشأن.
وأضافت المصادر: «نتيجة متابعة أو معلومات، تمكن الجيش من العثور على جثث لمحتجزيه في مقابر تم منها استخراج أكثر من جثة للتأكد من حقيقتها، بما فيها جثث فلسطينيين، وهو إجراء متواصل حتى اليوم».