حكومة شرق ليبيا تحذّر من مخاطر الهجرة على «الأمن الدولي»
حذَّر المشاركون في المؤتمر «الأفريقي – الدولي» حول الهجرة غير النظامية، الذي استضافته مدينة بنغازي بشرق ليبيا، من التأثيرات السلبية لهذا الملف ومخاطره على دول أفريقيا وأوروبا، مؤكدين «ضرورة تبادل الخبرات المعرفية وتشجيع التعاون المعلوماتي؛ سعياً لحماية المهاجرين وضمان حقوقهم ورعايتهم وإعادة إدماجهم في مجتمعاتهم».
والمؤتمر، الذي يعقد على مدار يومين، استهل فعالياته الاثنين، بحضور 40 وفداً من دول أفريقية، من بينهم رئيس البرلمان الأفريقي فورتشن شارومبيرا، وبمشاركة عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، وأسامة حمّاد، رئيس الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان.
وقال حمّاد في افتتاح المؤتمر: إن الهجرة غير النظامية «أصبحت تشكل محور اهتمام بالغ للدول الأفريقية والأوروبية كافة، بالنظر إلى ما ترتبط به من أمور خطيرة تؤثر في الاقتصاد المحلي والإقليمي، وتمثل اختراقات للأمن الدولي».
وتحدث عن أن «نشاطات الهجرة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بجرائم الاتجار بالبشر واستغلالهم في مقابل تنظيم مراحل الهجرة لهم»، ورأى أن الاستغلال «قد يصل إلى حد الاستعباد، والاستغلال الجنسي وجرائم التعذيب وحجز الحرية والإخفاء القسري».
وكانت «المنظمة الدولية للهجرة»، أطلقت نداءً بداية الشهر الحالي، لجمع 7.9 مليار دولار في 2024، للتعامل مع الحجم المتزايد للنزوح السكاني. وقالت المديرة العامة للمنظمة إيمي بوب، في تصريحات صحافية: إن «التمويل ضروري لإنقاذ الأرواح وحماية الأشخاص الذين ينزحون وإيجاد مسارات آمنة لهجرة نظامية».
وأكد حماد ضرورة الوصول إلى «رؤية وصيغة جامعة لتطوير استراتيجيات مستدامة للتعامل مع أسباب الهجرة ونتائجها عبر تبادل الخبرات المعرفية، وتشجيع التعاون المعلوماتي بين الدول الأفريقية في إطار حماية المهاجرين، وضمان حقوقهم ورعايتهم وإعادة إدماجهم في مجتمعاتهم بالشراكة مع المنظمات الدولية والإقليمية العاملة في هذا المجال».
وشدد حماد، على ضرورة أن «تسهم جميع الدول المتضررة من الهجرة، خاصة أوروبا، في دفع عجلة التنمية المستدامة في بعض الدول الأفريقية التي تعاني من ضعف الاقتصاد المحلي وتزايد أسباب الهجرة»، داعياً أيضاً، إلى «احتواء النازحين المتضررين من الحروب والكوارث الطبيعية، مثل ما يحدث في دولة السودان الشقيقة وبعض الدول الأفريقية الأخرى».
وتابع: «أصبحت الحاجة ضرورية إلى تعزيز التعاون بين الدول أعضاء الاتحاد الأفريقي كافة، وأصحاب المصلحة بشأن مسائل حوكمة هجرة اليد العاملة والانتقال البشري بوجه عام في أفريقيا، لتطوير أطر سياسات مستدامة لهجرة العمالة».
وتقول السلطات المعنية بالهجرة في ليبيا، إنها تفرض سيطرتها للحد من تدفقات المهاجرين غير النظاميين، لكن المنظمات الدولية العاملة في المجال ذاته، تعلن من وقت إلى آخر عن إنقاذ عشرات المهاجرين من الغرق في البحر المتوسط.
وبشأن الحلول الممكنة للأزمة، تطرق حمّاد، إلى أن الحكومة الليبية رفقة القيادة العامة لـ«الجيش الوطني مستعدة وقادرة على الحل مع شركاء حقيقيين في التنفيذ والإنجاز، حتى فيما يتجاوز حدود ليبيا وسلطتها الشرعية في التحرك والتصرف»، وقال إنها «تؤمن بأن الحل الشامل لهذا الملف لا يمكن أن يكون أحادي الجانب».
وتابع: «لدينا رؤية ليبية للحل تتركز على تطوير المعالجات القانونية على المستوى التشريعي في مواجهة العصابات المنظمة ومراقبة الحدود الوطنية لمنع التسلل لأراضي الدولة الليبية، والتعامل مع من تسللوا فعلاً بغية العبور إلى دول أخرى، حيث نتطلع لتطوير الخطط اللازمة لاحتوائهم وإعادتهم إلى بلدانهم بطريقة آمنة».
وأعلنت «جمعية الهلال الأحمر» الليبية مساء الأحد، انتشال 3 جثث إحداها لسيدة، بعد العثور عليها وسط الصحراء على (بعد 60 كيلومتراً شرق مدينة ودان جنوب شرق طرابلس)، في حين قالت الجمعية فرع صبراتة، إن الفرق التابعة لها انتشلت جثة قذفتها الأمواج على شاطئ البحر.
وتحدث حمّاد، عن «المساعي الحثيثة بالشراكة مع المنظمة الدولية للهجرة والوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود، لتطوير قدرات الأجهزة الأمنية المختصة وتفعيل الاتفاقات الدولية بهذا الخصوص؛ لدعم جهود الحكومة الليبية في التعامل مع ملف الهجرة بطريقة آمنة وفعالة وتضمن حقوق جميع الأطراف، ووفقاً لأفضل المعايير الدولية، والتعاقد لتنفيذ نظام متكامل لمراقبة الحدود».
وأشار حماد، إلى حكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ورأى أنها «تركت الباب مفتوحاً لعصابات تهريب البشر لممارسة أفعالهم الإجرامية، كما تركت من تسرب إليهم من المهاجرين، عرضة للخطر في قوارب الموت المنطلقة نحو الشواطئ الأوربية، واستغلال من تبقى من هؤلاء المهاجرين في المساومات السياسية».
في السياق ذاته، أبدى صالح «استعداد بلاده للعمل على منع تهريب المهاجرين، في حدود إمكاناتها». لكنه شدد في كلمة له في افتتاح أعمال المؤتمر، على وجوب «معالجة الأسباب الجذرية لمنع الهجرة غير النظامية، وأسباب الزيادة الكبيرة في أعداد المهاجرين»، وأشار إلى التعاون «مع كل الدول لإيجاد الحلول المناسبة لحل أزمة الهجرة».
وسبق ونظمت حكومة الدبيبة، مؤتمراً لوزراء عمل «تجمع دول الساحل والصحراء» بطرابلس، في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، دعت فيه الاتحاد الأوروبي إلى الاهتمام بملف الهجرة غير النظامية، وعدم التعويل فقط على الدول الأفريقية فقط لمكافحة هذه الظاهرة.
وكان الدبيبة قال أمام المؤتمر، موجهاً حديثه للاتحاد الأوروبي: «نريد أن تهتم أوروبا بقضايا الهجرة، سواء في دول المصدر أو دول العبور، فهناك شباب يموتون كل دقيقة في البحر… إمكاناتكم كبيرة ويجب أن يكون لكم دور كامل».