تايو أونيي: حققت حلمي باللعب في الدوري الإنجليزي بعد معاناة مضنية
في أغلب الأحيان تتوقف حظوظ وفرص اللاعبين على عنصري الوقت والصدفة، وخير مثال على ذلك تايو أونيي. فلو كان النجم النيجيري قد دفع تكاليف امتحاناته الجامعية في اليوم المحدد في إيلورين شمال وسط نيجيريا، ربما لم يكن يلعب قط في الدوري الإنجليزي الممتاز مع نادي نوتنغهام فورست، الذي نجح في إنقاذه من الهبوط الموسم الماضي بفضل أهدافه الحاسمة.
ويقول أونيي: «لقد اقترض والدي بعض الأموال لدفع تكاليف امتحاناتي. ذهبت إلى الشخص الذي كان من المفترض أن يساعدني في التسجيل للامتحان في الصباح ولم يكن موجوداً. ذهبت إلى هناك مرة أخرى في المساء وأخبروني أنه لم يصل بعد». ويضيف: «وفي طريق عودتي من تلك الرحلة، تلقيت مكالمة هاتفية من أكاديمية إمبريال لكرة القدم (في ولاية أوغون النيجيرية) وقال لي المسؤولون إنهم يريدونني. عدت إلى والدي وقلت له إنني أريد الاستمرار في الذهاب إلى المدرسة لكنني في الوقت نفسه أعشق كرة القدم، وطلبت منه أن يسمح لي باستخدام هذا المال للانضمام إلى الأكاديمية. أعتقد أن هذه كانت نقطة تحول بالنسبة لي».
كان أونيي يلعب في أكاديمية يونيكورن لكرة القدم في إيلورين منذ أن كان في السادسة أو السابعة من عمره، وانضم لمنتخب نيجيريا وهو في الرابعة عشرة من عمره في كأس كوبا كوكا كولا، وهي بطولة للفرق الأفريقية، في لندن عام 2011. وبعد ذلك، انضم إلى منتخب نيجيريا تحت 17 عاماً، الذي فاز بكأس العالم 2013 في الإمارات العربية المتحدة، وحصل على الفرصة التي كان يحلم بها عندما انضم إلى ليفربول في عام 2015 بموجب عقد يمتد لخمس سنوات. لكنه لم يلعب أي مباراة مع «الريدز».
يقول النجم النيجيري: «اكتشفنا أننا بحاجة إلى الحصول على تصريح عمل، ولكي أحصل على هذا التصريح كنت بحاجة للعب مع منتخب نيجيريا الأول. عندما وقعت لليفربول، حصل زميلي النيجيري كيليتشي إيهيناتشو على تصريح العمل بموجب برنامج المواهب الاستثنائية (للانضمام إلى مانشستر سيتي). لكن بعد ذلك، أغلقوا برنامج المواهب الاستثنائية». ويضيف: «كان الخيار الوحيد أمامي يتمثل في الانتقال إلى مكان آخر على سبيل الإعارة، على أمل أن أقدم أداءً جيداً وأنضم لصفوف المنتخب الوطني الأول، وبالتالي أحصل على تصريح العمل وأعود إلى ليفربول. لقد واصلت اللعب على سبيل الإعارة، لكن لم يتم استدعائي لصفوف المنتخب الوطني، لذلك لم يكن لدي أي خيار آخر سوى الاستمرار في الكفاح».
وعلى مدار ست سنوات، انتقل أونيي على سبيل الإعارة إلى 6 أندية في ألمانيا وهولندا وبلجيكا: إف إس في فرانكفورت، وإن إي سي نايميخن، ورويال إكسل موسكرون (مرتين)، وجينت، وماينز، ويونيون برلين. ثم اشتراه يونيون برلين من ليفربول مقابل 6.5 مليون جنيه إسترليني في يوليو (تموز) 2021، قبل أن ينتقل إلى نوتنغهام فورست في 2022.
يقول أونيي عن السنوات الأولى التي لعبها على سبيل الإعارة: «لقد كان موقفاً صعباً للغاية»، متذكراً كيف ساعدته عائلته وسيي أولوفينجانا، اللاعب السابق لوولفرهامبتون وستوك سيتي الذي أسس أكاديمية إمبريال لكرة القدم، على تجاوز ذلك الوضع الصعب. ويقول: «لم ألعب الكثير من المباريات (في فرانكفورت)، وهبط الفريق. ثم ذهبت إلى هولندا (نايميخن) وكانت تلك تجربة غريبة أخرى، حيث هبط النادي أيضاً. لقد قلت لنفسي في العام الثالث تقريباً إنه إذا هبط فريقي مرة أخرى أو لم أحقق أي شيء، فيتعين عليّ أن أعيد التفكير في مسيرتي الكروية».
ويضيف: «لقد اكتشفت نفسي حقاً في موسكرون، ووصلت إلى المستوى الذي كنت أريده. سجلت هدفاً في مباراتي الأولى، و10 أهداف مع موسكرون في ذلك الموسم». مدّد ليفربول تعاقده لخمس سنوات أخرى، لكنه واصل الخروج على سبيل الإعارة، حيث انتقل إلى جينت وماينز، عبر موسكرون مرة أخرى، حتى وجد موطناً حقيقياً له في يونيون برلين. يقول: «أتذكر أول محادثة بيني وبين المدير الفني، الذي قال لي: تايو، لقد شاهدت ما تقدمه، أعتقد أنني أستطيع أن أساعدك على تحقيق ما تريده كلاعب، لكنك صاحب القرار الأول والأخير فيما يتعلق بالمجيء إلى هنا». ويضيف: «لقد كان نادياً رائعاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، على مستوى الأشخاص والإداريين وكل شيء، خاصة المشجعين».
قدم أونيي مستويات استثنائية وأصبح معشوقاً للجماهير، وكان هدفه الأخير هو الذي قاد يونيون برلين للتأهل لمسابقة الدوري الأوروبي للمرة الأولى في تاريخ النادي. يقول النجم النيجيري: «كنا بحاجة إلى تحقيق الفوز. أتذكر أننا حصلنا على ركلة جزاء في الشوط الأول وسجلت منها هدفاً. ثم في الدقيقة 88 أو 89، كنت أنظر إلى الوقت وأقول لنفسي: لا، لا ينبغي أن يرحل هذا الجمهور حزيناً، ويجب أن نفوز». ويضيف: «لقد حقق النادي ما يريد، ويلعب الآن في بطولة دوري أبطال أوروبا. هؤلاء الأشخاص يستحقون أكثر من ذلك بكثير، لكنهم كانوا يعلمون دائماً أنني سأرحل يوماً ما إلى الدوري الإنجليزي الممتاز».
تعاقد نوتنغهام فورست مع أونيي بعدما صعد للدوري الإنجليزي الممتاز بعد غياب دام 23 عاماً، وكان المهاجم النيجيري الشاب يعلم جيداً أن مساعدة النادي على البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز ستكون نجاحاً كبيراً. وكان أونيي جاهزاً لهذا التحدي الكبير من خلال الخبرات الكبيرة التي حصل عليها خلال معارك الهبوط التي خاضها مع أنديته السابقة.
يقول أونيي: «لم يكن لدي أدنى شك في أن الفريق سينجح في تجنّب الهبوط، لأنني أعرف مدى رغبة هذا النادي في الوصول إلى المكان الذي يريده. لم أكن خائفاً حقاً على الإطلاق، وقلت لنفسي إن هذا هو ما أريده حقاً، وهذا هو حلمي بأن أكون لاعباً في الدوري الإنجليزي الممتاز، وأنا موجود الآن في نادٍ مستعد حقاً لإعطائي الفرصة التي كنت أحلم بها. لذلك قلت إنني مستعد لخوض هذه التجربة. وعندما عقدت الاجتماع (الأول) مع المالكين والمدير الفني، كنت منبهراً للغاية بالخطة ونظام العمل».
يقول أونيي إن هدفه كان يتمثل في «إظهار كل ما بداخلي»، وهو الأمر الذي وصل إلى ذروته في مباراة نوتنغهام فورست قبل الأخيرة الموسم الماضي، عندما سجل هدفه في مرمى آرسنال، النادي الذي يشجعه، ليضمن لفريقه البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز. أصبح أونيي معشوقاً لجمهور نوتنغهام فورست الذي اختاره أفضل لاعب في الفريق في شهر أغسطس (آب) من هذا العام، بعد أن سجل 3 أهداف في أول 3 مباريات له. ومن الواضح أن المشاعر متبادلة، حيث يعشق النجم النيجيري الجماهير أيضاً.
ويقول: «بالنظر إلى الصعوبات التي واجهناها الموسم الماضي، فإن هذه الجماهير ما زالت تقدم كل الدعم الممكن لنا، وتدفع كلاً منا لمواصلة القتال. لم تتخلَّ هذه الجماهير عنا قط، وهو الأمر الذي منحنا مزيداً من القوة للمضي قدماً». ويضيف: «لقد كنت أؤمن دائماً بقدرتي على تحقيق النجاح، وعملت بكل جدية، وأتمنى أن أواصل العمل بالقوة نفسها، حتى أحقق كل ما أريد».
* خدمة «الغارديان»