وسط قلق أوكراني من تداعيات الحرب الإسرائيلية في غزة على انخفاض إمدادات الأسلحة الغربية إلى جيشها لمساعدته في حربه أمام القوات الروسية، تعهدت ألمانيا، الثلاثاء، بتقديم مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 1.3 مليار يورو تشمل 4 أنظمة دفاع جوي من طراز «إيريس – تي إس إل إم» وذخائر مدفعية؛ إذ كشف وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس عن الحزمة بعد محادثات مع نظيره الأوكراني رستم أوميروف في كييف. ووصل بيستوريوس إلى العاصمة الأوكرانية، تزامناً مع وصول عدد من قادة أوروبا وأميركا إلى كييف لتأكيد استمرار دعمهم لها.
ووصل رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل إلى العاصمة الأوكرانية، الثلاثاء، في زيارة لم يعلن عنها مسبقاً. كما أعلن مكتب الرئاسة الأوكرانية، الثلاثاء، وصول رئيسة مولدوفا مايا ساندو إلى كييف. وكان قد زار في اليوم السابق وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن هو الآخر كييف، الاثنين، لتأكيد دعم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. ورغم التأكيدات الغربية الأميركية والأوروبية المعلنة فإن كييف قلقة من تباطؤ الدعم العسكري لها، خصوصاً بعد إجماع الكثير من المراقبين أن هجومها المضاد فشل الصيف الماضي في تحقيق أي مكاسب عسكرية ضد القوات الروسية.
وذكرت شبكة «إيه بي سي نيوز» الأميركية، نقلاً عن مسؤول أوكراني لم يذكر اسمه، أن إمدادات قذائف المدفعية الأميركية إلى أوكرانيا انخفضت بمقدار الثلث منذ أن بدأ الصراع في الشرق الأوسط في التصاعد. وقالت القناة: «انخفضت إمدادات الولايات المتحدة من القذائف المدفعية التي يستخدمها حلف شمال الأطلسي (ناتو) لأوكرانيا بأكثر من 30 في المائة منذ بدء الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة الشهر الماضي»، وفق ما ذكرته وكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية.
ووفق مصدر «إيه بي سي»، تشكل مخزونات قذائف المدفعية من عيار 155 ملم «نحو 60 إلى 70 في المائة من إجمالي الإمدادات» إلى كييف.
ووفقاً للمصدر، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، أكد المسؤولون الأميركيون لكييف أن إرسال الأسلحة إلى إسرائيل لن يؤثر في التزامات الولايات المتحدة تجاه أوكرانيا. وفي الوقت نفسه، قال مسؤول كبير في البنتاغون إن خفض إمدادات الذخيرة «لا علاقة له على الإطلاق بما يحدث في قطاع غزة».
وقال متحدث البنتاغون باتريك رايدر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إن الولايات المتحدة قادرة على الاستمرار في تلبية احتياجات الأسلحة لإسرائيل وأوكرانيا.
وقال وزير الدفاع الألماني لدى وصوله إلى كييف: «أنا هنا مرة أخرى، لأتعهد أولاً بمزيد من الدعم… ولإظهار تضامننا وارتباطنا العميق وإعجابنا بالمعركة الشجاعة والباسلة والمكلفة التي تدور هنا». ويتضمن برنامج زيارة بيستوريوس عقد محادثات مع نظيره الأوكراني رستم عمروف. وهذه هي ثاني زيارة له إلى العاصمة الأوكرانية منذ توليه مهام منصبه.
وزار بيستوريوس كييف للمرة الأولى في فبراير (شباط) الماضي، بعد نحو 3 أسابيع من أدائه اليمين الدستورية وزيراً للدفاع. وفي ذلك الوقت كان قد وعد القيادة الأوكرانية بأنه سيسلم أكثر من 100 دبابة قتالية من طراز «ليوبارد 1 إيه 5» القديم، ومن المفترض أن يجري تسليمها على مراحل بحلول الربع الثاني من عام 2024 على أقصى تقدير.
وبرلين، ثاني أكبر مورّد للمساعدات العسكرية لكييف بعد الولايات المتّحدة، تسعى إلى طمأنة الأوكرانيين بأنه لن ينصرف اهتمام حلفائهم الغربيين عنهم.
وتأتي زيارة الوزير الألماني بعد أن زادت وتيرة الغارات الجوية الروسية على أوكرانيا في الوقت الذي تتوقّع فيه كييف أن يزيد الجيش الروسي من استهدافه منشآت الطاقة الأوكرانية خلال أشهر الشتاء المقبلة.
وفي بداية زيارته الثانية أعاد بيستوريوس إلى الأذهان ذكرى المتظاهرين الذين قُتلوا خلال احتجاجات «ميدان» الموالية لأوروبا في كييف قبل عقد من الزمن. وقال بيستوريوس: «خرج أفراد شجعان من جميع الأعمار إلى الشوارع من أجل الحرية والتقارب مع أوروبا، ودفعوا حياتهم ثمناً لذلك». ووضع الوزير وروداً حمراء على نصب تذكاري مؤقت للضحايا.
وقال بيستوريوس بعدما وضع إكليلاً من الزهر في ساحة ميدان بوسط كييف: «أنا هنا مرة جديدة أولاً للتعهد بتقديم مزيد من الدعم، لكن أيضاً لأعرب عن تضامننا والرابط العميق الذي يجمعنا، وإعجابنا بالقتال الشجاع والمكلف الذي يتم خوضه هنا». وسيجري بيستوريوس محادثات مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي.
يُذكر أن الذكرى السنوية العاشرة لاندلاع الاحتجاجات تحل الثلاثاء 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأدت الاحتجاجات التي استمرت 3 أشهر في كييف في النهاية إلى الإطاحة بالرئيس الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش.
ولقي عشرات المتظاهرين و17 رجل شرطة حتفهم في المظاهرات بعد تعرضهم لإطلاق النار. ونتيجة للاحتجاجات احتلت روسيا شبه جزيرة القرم المطلة على البحر الأسود، وضمتها إليها بعد وقت قصير، ثم دعمت موسكو الانفصاليين في شرق أوكرانيا في منطقتي دونيتسك ولوهانسك لسنوات، وشنت غزواً على أوكرانيا في فبراير 2022 والذي لا يزال مستمراً حتى اليوم.
ووصل رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل إلى كييف هو الآخر في بادرة دعم مع احتفال أوكرانيا بمرور 10 سنوات على «الثورة البرتقالية». وقال ميشيل عبر منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي مع نشر صورة له خلال مصافحة سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى أوكرانيا، كاتارينا ماتيرنوفا في محطة السكك الحديدية في كييف: «من الجيد أن أعود إلى كييف بين الأصدقاء».