شنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة نحو 22 غارة جوية، ليل السبت – الأحد، ضمن موجة رابعة من الضربات المشتركة الرامية إلى تحجيم قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث ضربت 18 هدفاً من بينها مستودعات أسلحة وأنظمة جوية، في صنعاء ومناطق أخرى.
وتحدث الحوثيون المدعومون من إيران عن سقوط قتيل وستة جرحى جراء ضربة شمال غربي تعز، كما تبنوا قصف سفينة شحن في خليج عدن واستهداف سفن أخرى عسكرية في البحر الأحمر، في سياق الهجمات المستمرة التي يزعمون أنها مناصرة منهم للفلسطينيين في غزة، وتأتي رداً على الضربات الأميركية والبريطانية.
وتوعدت الجماعة بمزيد من الهجمات التصعيدية، ووصف المتحدث باسمها محمد عبد السلام، الأحد، الضربات الأميركية والبريطانية، بأنها «محاولات عبثية» لمنع جماعته من مساندة الفلسطينيين في غزة وفق زعمه.
وفي ظل تصاعد التهديد الحوثي، تجزم الحكومة اليمنية بأن الضربات الغربية لن تؤثر في قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر، وأن الحل البديل دعم قواتها لاستعادة مؤسسات الدولة، وتحرير الحديدة وموانئها، وإرغام الجماعة الموالية لطهران على السلام، وإنهاء الانقلاب على التوافق الوطني.
وتشدد واشنطن ولندن وحلفاؤهما على أن الأقوال سترتبط دائماً بالأفعال فيما يخص التصدي للتهديد الحوثي للملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، خاصة بعد أن أدت الهجمات إلى إصابة سفينة مهددة بالغرق، وهو ما ينذر بكارثة بيئية بحرية.
ومع تسبب الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن في اضطرابات في الشحن الدولي، وعزوف شركات كبرى عن الملاحة في الممر الاستراتيجي، التحق الاتحاد الأوروبي أخيراً بالولايات المتحدة وبريطانيا، لإرسال سفن إلى البحر الأحمر لحماية الملاحة، قبل أن تعلن الصين إرسال الأسطول الـ46 إلى المنطقة.
تفاصيل الضربات
أفاد الإعلام الحوثي بأن الموجة الرابعة من الضربات الغربية المشتركة استهدفت مواقع في صنعاء ومحيطها وتعز وحجة، وأن الضربات في صنعاء ومحيطها استهدفت مصنعاً للمبيدات الحشرية في حي النهضة بمديرية الثورة، كما استهدفت 9 غارات مواقع عسكرية في منطقتي عطان والنهدين، إلى جانب خمس غارات استهدفت مواقع في جبل عرام في منطقة بيت أنعم في مديرية همدان، ومنطقة صرف في بني حشيش.
وفي محافظة حجة، أفاد الإعلام الحوثي باستهداف غارتين مواقع في مزارع منطقة الجر في مديرية عبس. وفي محافظة تعز، ضربت غارتان مواقع في منطقة قراضة بمديرية حيفان، وضربت غارة ثالثة موقعاً في منطقة شمير في مديرية مقبنة.
إلى ذلك، قال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يحيى سريع إن جماعته استهدفت السفينة النفطية الأميركية «TORM THOR» في خليج عدن بعدد من الصواريخ البحرية المناسبة، كما زعم استهداف عدد من السفن الأميركية في البحر الأحمر بعدد من الطائرات المسيرة.
من جهتها، أفادت القيادة المركزية الأميركية في بيان بأن الضربات المشتركة التي نفذتها واشنطن ولندن وحظيت بدعم أستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وهولندا ونيوزيلندا، جاءت بعد أسابيع من الهجمات التي يشنها الحوثيون المدعومون من إيران على سفن في البحر الأحمر.
وجاء في البيان المشترك الذي وقعت عليه هذه الدول، أن «الضربات الضرورية والمتناسبة استهدفت على وجه التحديد 18 هدفاً للحوثيين في ثمانية مواقع في اليمن مرتبطة بمنشآت تخزين أسلحة تحت الأرض، ومنشآت تخزين صواريخ، وأنظمة جوية مسيّرة هجومية أحادية الاتجاه، وأنظمة دفاع جوي، ورادارات، ومروحيات».
U.S. Forces, Allies Conduct Joint Strikes in YemenOn Feb. 24, at approximately 11:50 p.m. (Sanaa Yemen time), U.S. Central Command forces alongside UK Armed Forces, and with support from Australia, Bahrain, Canada, Denmark, the Netherlands, and New Zealand, conducted strikes… pic.twitter.com/hAQ8Ftkihp
— U.S. Central Command (@CENTCOM) February 24, 2024
وأضاف البيان أن «أكثر من 45 هجوماً للحوثيين على سفن تجارية وعسكرية منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، تشكل تهديداً للاقتصاد العالمي وكذلك الأمن والاستقرار الإقليميين، وتتطلب رداً دولياً».
في السياق نفسه، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن الضربات تهدف إلى «مواصلة تعطيل وإضعاف قدرات ميليشيا الحوثي المتحالفة مع إيران»؛ وفق ما نقلته «رويترز».
وأضاف أوستن «سنواصل التوضيح للحوثيين بأنهم سيتحملون العواقب إذا لم يوقفوا هجماتهم غير القانونية، والتي تضر باقتصادات الشرق الأوسط، وتسبب أضراراً بيئية، وتعطل إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن ودول أخرى».
إلى ذلك أفاد وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس في بيان، على منصة «إكس» بأن القوات الجوية الملكية نفذت موجة رابعة من الضربات الدقيقة مع الولايات المتحدة ضد أهداف عسكرية للحوثيين، حيث استهدفت طائرات من دون طيار ومنصات إطلاق صواريخ يستخدمها الحوثيون لشن هجماتهم الخطيرة.
The UK and US have carried out further strikes on Houthi military targets.Despite repeated warnings, the Houthis have continued their attacks on shipping in the Red Sea, including targeting UK-linked vessels, undermining regional stability.We have been clear that we will back…
— David Cameron (@David_Cameron) February 25, 2024
وأشار شابس إلى أن الحوثيين استهدفوا في الأيام الأخيرة سفناً تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن بما في ذلك السفينتان البريطانيتان «أيلاندر» و«روبيمار»، مما اضطر الأطقم لمغادرتهما. وقال: «واجبنا حماية الأرواح في البحار، والحفاظ على حرية الملاحة».
تنديد والتزام أميركي
في سياق الرد الغربي على هجمات الحوثيين المتصاعدة، قال ماثيو ميلر، المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية، إن بلاده تدين بشدة هجمات الحوثيين الخطيرة وغير المنضبطة على سفن الشحن المدنية.
وأشار ميلر إلى الحوثيين بأنهم «يتصرفون بوصفهم إرهابيين، بمهاجمة المدنيين والسفن المدنية والبحارة الأبرياء، بما في ذلك احتجازهم المستمر لطاقم سفينة (غالاكسي ليدر)، الذي يضم 25 فرداً من خمس دول». واصفا ذلك بأنه «قرصنة واضحة».
وأوضح المتحدث الأميركي أن هذه الهجمات الحوثية التي وصفها بـ«العدوان» تؤدي إلى تصاعد التكاليف، وتأخير تسليم الإمدادات الإنسانية الأساسية، مثل الغذاء والدواء، مما يفاقم محنة أولئك الذين يحتاجون إلى المساعدات في السودان وإثيوبيا واليمن نفسه.
وأضاف «على عكس ما قد يحاول الحوثيون ادعاءه، فإن هجماتهم لا تفعل شيئا لمساعدة الفلسطينيين، وهي لا تقدم لهم لقمة واحدة من المساعدة أو الغذاء».
وفيما اتهم ميلر الحوثيين بأنهم «أظهروا على الدوام استخفافاً وتجاهلاً كبيرين بسلامة الشعب اليمني وراحته»، أعاد التذكير بمهاجمتهم السفينة البريطانية «روبيمار»، والمخاطرة بأضرار بيئية، وتهديد صناعة صيد الأسماك في اليمن، إلى جانب مهاجمتهم السفينة الأميركية «شامبيون» التي كانت تنقل الذرة، وغير ذلك من الإمدادات الغذائية إلى اليمن.
وكانت الحكومة اليمنية استنجدت، السبت، بالعالم من أجل إسنادها لتفادي كارثة غرق سفينة «روبيمار»، وهي ناقلة بضائع مملوكة للمملكة المتحدة ترفع علم بليز، حيث باتت تشرب الماء ببطء بعد أن تسبب الهجوم الحوثي في أضرار جسيمة لها، ما تسبب في بقعة نفط بطول 18 ميلاً.
وكانت السفينة، تنقل أكثر من 41000 طن من الأسمدة عندما تعرضت للهجوم، ما قد يتسرب إلى البحر الأحمر ويؤدي إلى تفاقم هذه الكارثة البيئية.
وأكدت الخارجية الأميركية أن واشنطن «تبذل كل طاقتها لكي تتجنب عقوباتها وإجراءاتها ضد الحوثيين عرقلة الشحنات التجارية أو المساعدات الإنسانية إلى اليمن. وعلى العكس من ذلك، فإن تصرفات الحوثيين تعيق تسليم السلع الأساسية التي يعتمد عليها الشعب اليمني، وتعقد الجهود الإنسانية، مما يعرّض الوضع الإنساني المحفوف بالمخاطر أساساً لمزيد من الخطر».
وحذّر البيان الأميركي الحوثيين من أن أعمالهم تعزلهم «بشكل متزايد عن المجتمع الدولي»، ومن أنهم يعرضون للخطر عملية السلام في اليمن التي جرى التفاوض عليها بدقة على مدى العامين الماضيين.
والتزمت الولايات المتحدة في بيان المتحدث باسم خارجيتها «بمنع الصراع في البحر الأحمر، والاستمرار إلى جانب شركائها، في اتخاذ التدابير اللازمة لحماية حرية الملاحة والشحن التجاري من هجمات الحوثيين في هذا الممر المائي الدولي الحيوي، ولحماية المساعدات الاقتصادية والإنسانية الحيوية لدول المنطقة».
وتشنّ الجماعة المدعومة من إيران منذ 19 نوفمبر الماضي هجمات ضد السفن بلغت 49 هجمة، وأدت إلى إصابة 11 سفينة على الأقل، كما لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» وطاقمها منذ نوفمبر الماضي.
وتبنّى زعيم الجماعة في أحدث خطبه استهداف 48 سفينة، وإطلاق 183 صاروخاً وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل، واعترف بتجنيد أكثر من 237 ألف عنصر منذ بداية أحداث غزة، وأقرّ بتلقي الجماعة 278 غارة، قبل أن تأتي الموجة الرابعة من الضربات.
واعترف الحوثيون بمقتل 22 مسلحاً في الضربات الغربية، إلى جانب 10 قُتلوا في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في البحر الأحمر، بعد تدمير البحرية الأميركية زوارقهم، رداً على محاولتهم قرصنة إحدى السفن، وذلك قبل أن يقروا، الأحد، بمقتل شخص وإصابة ستة آخرين.
وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً في ديسمبر الماضي، سمته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر، قبل أن تشنّ، ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضربات على الأرض في نحو 24 مناسبة حتى الآن، شاركت لندن في أربع موجات منها، إلى جانب العشرات من عمليات التصدي للصواريخ والمُسيَّرات الحوثية والقوارب المفخخة.