فهود الفيحاء… ظهور شجاع وصمود «يُدرّس» في دهاليز «الأبطال»
لم يكن فريق الفيحاء مطالَباً بأكثر من ظهور مُشرِّف يكتسب من خلاله الخبرة في أول مشاركة بـ«دوري الأبطال الآسيوي»، لكن الفريق الملقب بـ«الفهود» و«طواحين سدير» أبى إلا أن يكون فرس الرهان في الصراع القارّي الكبير ليشقّ طريقه بشجاعة نحو دور الـ16 من البطولة، في إنجاز تاريخي أذهل عشاق الكرة المحلية والخارجية.
وكان الفيحاء آخِر الفرق السعودية التي تصل إلى دور الـ16، بعد النصر، ثم الاتحاد، والهلال، وكان عبوره بمقعد أفضلية المركز الثاني، ضمن مجموعات فرق غرب قارة آسيا.
ولم تكن مهمة التأهل سهلة لفريق الفيحاء، الذي كان حاضراً في المجموعة الأولى بجوار أندية ذات تاريخ كبير في البطولة القارّية، يتقدمها العين الإماراتي، الحائز على اللقب في 2003، وباختاكور الأوزبكي الذي يملك تاريخاً كبيراً من المشاركة، بالإضافة إلى آهال التركمانستاني الذي يشارك للمرة الثانية في البطولة.
وتغيَّر نظام النسخة الحالية من «بطولة دوري أبطال آسيا»، حيث زاد عدد المجموعات من أربع إلى خمس مجموعات في غرب وشرق القارة، ليصبح التأهل متاحاً لمتصدر كل مجموعة، بالإضافة إلى أفضل ثلاث فرق تحتل المركز الثاني في المجموعات الخمس، وهي البطاقة التي عبَر من خلالها الفيحاء نحو الدور المقبل من البطولة.
وتَجاوز الفيحاء بهدوء الحالة الفنية المتذبذبة التي تعرَّض لها في مشواره بالبطولة، وأثّرت على أدائه الفني ونتائجه، حتى في مسابقة «الدوري السعودي للمحترفين»، قبل أن يظهر بصورة مميزة بعد فترة التوقف الأخيرة، وينجح بتحقيق انتصارين ثمينين أسهما بحلوله في وصافة المجموعة الأولى.
وخطف العين الإماراتي التأهل مبكراً عن المجموعة الأولى، وتحديداً مع نهاية الجولة الرابعة، وحتى ضمن الصدارة، بعدما حصد 12 نقطة، في الوقت الذي كانت فيه الأنظار تتجه صوب باختاكور الأوزبكي للمنافسة على المقعد الثاني، لكن الفيحاء نجح بتسجيل نتيجة كبيرة أمامه، الثلاثاء، وكرَّر تفوقه في مواجهة الذهاب، لينجح بالصعود إلى وصافة المجموعة ويستفيد من انتصار الدحيل القَطري على بيرسبوليس الإيراني، المرشح الأبرز للعبور بالمقعد الثالث من بين أفضل الثواني.
واستهلّ الفيحاء مشاركته في «بطولة دوري أبطال آسيا» بخسارة غير متوقعة أمام آهال التركماني بهدف دون رد، قبل أن ينتعش بفوزه في الجولة الثانية أمام باختاكور الأوزبكي بهدفين دون رد حملا توقيع المهاجم المغربي عبد الحميد صابيري.
وتعرَّض الفريق البرتقالي، كما يُطلق عليه، لخسارة كبيرة أحبطت الفريق، وذلك أمام العين الإماراتي بنتيجة 4 – 1 في مواجهة الذهاب التي أقيمت على ملعب هزاع بن زايد بمدينة العين، قبل أن يكرر العين تفوقه ويكسب مواجهة الإياب في الرياض بنتيجة 3 – 2 ويقتطع بطاقة التأهل عن المجموعة.
واستفاق الفيحاء بعد العودة من التوقف الدولي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وحقق فوزاً ثميناً أمام آهال التركماني بنتيجة 3 – 1 قبل أن يتجه إلى مدينة طشقند الأوزبكية محمَّلاً بآمال وطموحات قائمة على نتائج أخرى، لكن الأمر يتطلب تحقيق الفيحاء الفوز أولاً، وسجل نتيجة ساحقة أمام باختاكور برباعية كان نجمها الزامبي فاشون ساكالا، مُهاجم الفريق، الذي سجل ثنائية، بالإضافة إلى سلطان مندش وهنري أونيكورو.
وحافظت إدارة نادي الفيحاء على الاستقرار الفني للفريق، رغم الهزات المتتالية بخروجه من «بطولة كأس الملك»، بعد الخَسارة أمام الاتحاد في دور الستة عشر، إضافة إلى تدنى النتائج في البطولة الآسيوية، بعد الخَسارة من العين ذهاباً وإياباً، علاوة على خسارته في الدوري.
واستمر الصربي فوك رازوفيتش في منصبه مديراً فنياً لفريق الفيحاء، وهو يشغل هذا المنصب منذ يونيو (حزيران) 2021، وهو المدرب الذي قاد الفريق لتحقيق مُنجز «بطولة كأس الملك» التي أسهمت بتأهل الفريق والمشاركة في «بطولة دوري أبطال آسيا».
ورغم خَسارة الفريق أمام ضمك، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، برباعية مقابل هدفين، فإن الفيحاء بدا بحالة فنية أفضل واستعاد صلابته الدفاعية التي أسهمت بتحقيقه الفوز أمام الفتح محلياً، ثم الانتصارين أمام آهال وباختاكور آسيوياً.
من جانبه عبّر الدكتور عبد العزيز العيبان، عضو مجلس إدارة نادي الفيحاء، عن سعادته بمناسبة تأهل فريقه إلى دور الـ16 لأول مرة في تاريخه ضمن منافسات «بطولة دوري أبطال آسيا».
وقال العيبان: «هذا ثمار عمل كبير منذ بداية الموسم والتحضيرات الجيدة للفريق بمتابعة مستمرة ومباشرة من رئيس النادي الدكتور توفيق المديهيم، وبقية الزملاء بالمجلس».
وواصل حديثه: «كما أبارك لنجوم الفريق هذا المنجز؛ من لاعبين وجهاز إداري وفني وطبي، فقد أثبتوا أنهم أبطال ولاعبون كبار، رغم ظروف الإصابات التي لحقت بعض اللاعبين في هذه المواجهة والمواجهات السابقة، ونستحق هذا التأهل بكل تأكيد، ومواصلة المشوار في هذه البطولة القارّية».
وواصل الدكتور عبد العزيز العيبان حديثه الخاص، لـ«الشرق الأوسط»، وقال إن شعورهم لا يوصَف وهم في دولة أوزبكستان، أثناء مرافقته الفريق وانتصار فهود المجمعة برباعية على فريق باختاكور الأوزبكي القوي، وبلا شك هي نتيجة ستبقى للتاريخ، وقد تضاعفت الفرحة بعد انتهاء مواجهة فريق الدحيل القطري، وبيرسبوليس الإيراني، بفوز الفريق القطري بنتيجة 2 – 1، وإعلان تأهل الفيحاء رسمياً للدور المقبل من العاصمة الأوزبكية طشقند بوصفه أفضل مركز ثاني في دور المجموعات في منافسات البطولة الآسيوية.
وأضاف: «شكراً للقيادة على الدعم الكبير اللامحدود لرياضة الوطن، وشكراً لوزارة الرياضة على الاهتمام والمتابعة، وشكراً للاتحاد السعودي الذي قدَّم كل التسهيلات والتحضيرات للفريق في هذه البطولة، والعمل المنظم والرائع الذي يقدمونه للفيحاء في بطولة آسيا، كما نشكر سفارة خادم الحرمين الشريفين بجمهورية أوزبكستان؛ ممثلة بالسفير يوسف القهرة، على الاستقبال الرائع وغير المستغرَب لبعثة الفريق، أثناء الوصول إلى العاصمة طشقند، ومتابعة سير أحوال البعثة مباشرة حتى عودتها إلى المملكة».
واختتم تصريحه قائلاً: «الفيحاء ينافس في هذا الموسم في كل البطولات، وهذا بفضل من الله ثم العمل الكبير الذي يقدمه الفيحاويون على مدى سنوات، ونحن الآن بصفتنا مجلس إدارة جديدة نواصل المنهج ومواصلة التطور الكبير لكل مَناشط النادي لتحقيق الأمانيّ والطموحات لمُحبي البرتقالي الذين يعشقون التحدي والبطولات».
من جانبه أكد فهد الأنصاري، المدير التنفيذي لكرة القدم بفريق الفيحاء، أن الإنجاز نتاج عمل كبير من الجميع ومتابعة دقيقة من إدارة النادي، بقيادة الرئيس الدكتور توفيق المديهيم، «ونقدِّم لهم هذا المنجز التاريخي الذي يحتفل به كل الفيحاويين».
واختتم الأنصاري تصريحه الخاص، لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «قدّمنا كل ما لدينا من إمكانيات في بطولة دوري أبطال آسيا، والتي نشارك فيها لأول مرة في تاريخ النادي، وتحقق حلم الوصول والتأهل لدور الستة عشر، وهذا بلا شك إنجاز كبير يسجل في تاريخ أروقة النادي في أول مشاركة، وبالتأكيد لا يقف طموحنا بالتأهل لهذا الدور فقط، وسوف نسعى للوصول إلى الأدوار المتقدمة».
من جانبه عبّر اللاعب سلطان مندش، الحاصل على جائزة أفضل لاعب في مواجهة فريق باختاكور الأوزبكي، عن سعادته بتأهل أربعة فرق سعودية، «وهذا يدل على قوة الفرق السعودية وعلو كعبها في القارة الآسيوية، وبالتأكيد هذا ليس بالجديد عليها».
وأضاف: «بلا شك، ظهر الفيحاء بشخصية البطل في هذه البطولة، وقدَّمنا من خلالها مستويات كبيرة مُشرِّفة تكللت بالوصول إلى الهدف؛ وهو التأهل للدور الثاني».