شككت السلطات الروسية الإثنين في إعلان تنظيم “الدولة الإسلامية” الضلوع في الهجوم الدامي على قاعة حفلات موسيقية بضواحي موسكو الجمعة الماضية، وكذلك في التأكيدات الأمريكية بمسؤولية التنظيم عن الهجوم. كما رفض الكرملين التعليق على تبني التنظيم للهجوم بانتظار انتهاء التحقيقات. ويرى مراقبون أن الرئيس فلاديمير بوتين يرمي إلى إلقاء التبعة على أوكرانيا من أجل تأجيج أوزار الحرب معها. وفي إجراء وقائي، أعلنت الحكومة الفرنسية مساء الأحد أنها رفعت مستوى التحذير من الإرهاب إلى أعلى درجة بعد إطلاق النار في موسكو خشية قيام التنظيم بهجمات على أراضيها.
نشرت في:
6 دقائق
تتواصل تداعيات هجوم الجمعة 22 مارس/آذار الدامي على قاعة الحفلات الموسيقية كروكوس في ضواحي العاصمة الروسية موسكو والذي أودى بحياة 137 شخصا وإصابة 182. فقد أعلنت الحكومة الفرنسية مساء الأحد أنها رفعت مستوى التحذير من الإرهاب إلى أعلى درجة بعد إطلاق النار في موسكو. وكان تنظيم “الدولة الإسلامية” قد أعلن مسؤوليته عن الهجوم، وهو ما أكدته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه).
اقرأ أيضاهجوم موسكو: القضاء الروسي يضع أربعة مشتبه بهم رهن الحبس الاحتياطي
لكن السلطات الروسية شككت الإثنين فيما قالته “سي آي إيه” عن مسؤولية تنظيم “الدولة الإسلامية” عن الهجوم. فقد كتبت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، مقالا لصحيفة كومسومولسكايا برافدا قالت فيه: ” سؤال للبيت الأبيض: هل أنت متأكد من أنه تنظيم الدولة الإسلامية؟ هل يمكنك التفكير في الأمر مرة أخرى؟”. وذلك قبل أن تضيف أن الولايات المتحدة لطالما استخدمت “فزاعة” تنظيم “الدولة الإسلامية” لتغطي على أفعالها في كييف، وذكّرت القراء بأن واشنطن دعمت “المجاهدين” الذين خاضوا قتالا ضد القوات السوفياتية في الثمانينيات.
وكان تنظيم “الدولة الإسلامية” قد أعلن مسؤوليته عن الهجوم، وقالت الولايات المتحدة إنها تصدق هذا الإعلان. وكشف مسؤولون أمريكيون أنهم حذروا روسيا في وقت سابق من الشهر الجاري من هجوم وشيك استنادا إلى معلومات استخباراتية، وأن لديهم معلومات تؤكد قوف تنظيم “الدولة الإسلامية” خلف ذلك الهجوم.
بيد أن الرئيس فلاديمير بوتين لم يذكر علنا ارتباط التنظيم بالمهاجمين الذين قال إنهم كانوا يحاولون الفرار إلى أوكرانيا. وذكر بوتين أن بعض الأشخاص على “الجانب الأوكراني” كانوا مستعدين لنقل المسلحين عبر الحدود. فيما نفت أوكرانيا أي دور لها في الهجوم واتهم الرئيس فولوديمير زيلينسكي بوتين بالسعي إلى تحويل مسؤولية الهجوم على قاعة الحفلات الموسيقية من خلال الإشارة إلى أوكرانيا.
الهجوم الأكثر دموية منذ عقدين
وتعد هذه العملية أكبر هجوم دموي يقع داخل روسيا منذ عقدين. فقد اقتحم أربعة رجال قاعة كروكوس للحفلات وأطلقوا وابلا من الرصاص على الناس قبل بداية حفل فرقة الروك (بيكنيك)، التي تشكلت خلال الحقبة السوفياتية.
واحتجزت السلطات الأربعة، واحد منهم على الأقل من طاجيكستان، بتهمة “الإرهاب”. وظهروا بشكل منفصل أثناء اقتيادهم من قبل أفراد من جهاز الأمن الاتحادي إلى القفص في محكمة باسماني الجزئية بموسكو.
بينما قال الرئيس بوتين إنه جرى القبض على 11 شخصا، من بينهم المسلحون الأربعة المشتبه بهم، الذين فروا من قاعة الحفلات الموسيقية وشقوا طريقهم إلى منطقة بريانسك، على بعد حوالي 340 كيلومترا جنوب غربي موسكو، للتسلل عبر الحدود إلى أوكرانيا.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لم يتم التحقق منها، عملية استجواب المشتبه بهم. وظهر أحدهم وقد تم قطع جزء من أذنه ووضعه في فمه. والرجل الذي يحمل جنسية طاجيكستان يدعى داليردزون ميرزوييف وكان يستند إلى القفص الزجاجي في أثناء قراءة تهمة الإرهاب. بينما جلس آخر ويدعى جلس سعيد كرامي راشاباليزودا وأذنه مغطاة بالضمادات. فيما ظهر ثالث يدعى محمد صبير فايزوف بملابس المستشفى الفضفاضة وجلس على كرسي طبي ووجهه مغطى بالجروح. ووقف الرابع المدعو شمس الدين فريدوني وكدمات في وجهه.
تنظيم “الدولة الإسلامية”
في بيان أصدره مساء الجمعة، أعلن تنظيم “الدولة الإسلامية” مسؤوليته عن الهجوم. وقال التنظيم على تطبيق تلغرام إن مقاتليه “هاجموا تجمعا كبيرا (…) في محيط العاصمة الروسية موسكو”، مشيرا إلى أنهم “عادوا بعد ذلك إلى قاعدتهم” بسلام.
وبحسب وسيم نصر، الصحفي في فرانس24، فقد أعلن تنظيم “الدولة الإسلامية” المسؤولية عن هذا الهجوم ثلاث مرات على الأقل حتى الآن. وكانت المرة الأولى في بيانه سابق الذكر ليلة الهجوم، ثم في بيان ثان ذكر فيه بعض التفاصيل عن منفذي العملية الأربعة وأن أحدهم فقط هو من كان مكلفا بحرق المسرح. والمرة الثالثة عندما نشر التنظيم مقاطع فيديو للعملية يظهر فيها المنفذون الأربعة الذين يتوافق مظهرهم مع المشتبه بهم في حوزة السلطات الروسية.
وذكر نصر أن لتنظيم “الدولة الإسلامية” تاريخا طويلا للعمليات الإرهابية في روسيا منذ العام 2016. فقد نفذ التنظيم ثماني عمليات كبيرة في البلاد منذ ذلك التاريخ وحتى عام 2019. كما أن السلطات الروسية قد أحبطت مؤخرا عملية له في السابع من شهر مارس/آذار الجاري كانت ستستهدف كنيسا يهوديا في العاصمة موسكو.
لا تعليق من الكرملين
وأكد الكرملين الإثنين أنه لن يعلق على تبني تنظيم “الدولة الإسلامية” الاعتداء الدامي على صالة حفلات في موسكو بانتظار انتهاء التحقيقات. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين “التحقيقات جارية. لم تصدر بعد رواية متماسكة. نتحدث فقط عن بيانات أولية”، مضيفا أن الرئيس فلاديمير بوتين لا ينوي زيارة موقع الهجوم.
ورفض الكرملين التعليق على مسألة إن كان المشبه بهم تعرضوا إلى سوء المعاملة بعد احتجازهم. وقال بيسكوف “سأترك هذا السؤال من دون إجابة”، بعد انتشار تقارير وتسجيلات مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي في روسيا لعمليات تحقيق تخللها العنف عقب توقيف المشتبه بهم.
ويفسر نصر غياب تأكيد السلطات الروسية على مسؤولية تنظيم “الدولة الإسلامية” عن الهجوم بأن ذلك سيعد انتكاسة للسلطات الروسية وأن الرئيس الروسي يريد أن يستغل هذه العملية لمواصلة حربه على أوكرانيا ويؤجج مجهوده العسكري ضدها وذلك لكونها العدو الأول والأساسي لبلاده. وذلك أمر طبيعي من جهة بوتين، فالغرب هو من يقف وراء الجهاديين من وجهة نظره، كما يقف وراء أوكرانيا أيضا لذلك فهو يعبأ كافة موارده لحرب موسكو.
حسين عمارة/ وكالات
اكتشاف المزيد من صحيفة دي إي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.