رباعية في نابولي تقود الريال لضمان صدارة مجموعته


تيري فينابلز… المدير الفني الذي أنقذ كرة القدم الإنجليزية من العزلة

كان تيري فينابلز يحظى بشعبية كبيرة بين جيل كأس الأمم الأوروبية 1996، لدرجة أن كبار لاعبي المنتخب الإنجليزي كانوا يطالبون باستمرار بعودته إلى القيادة الفنية للفريق. فبعد إقالة غلين هودل، طالبوا بعودة تيري، وبعد استقالة كيفن كيغان طالبوا بعودة تيري مرة أخرى. لم يتبق شيء من ذلك الآن، لكن على مدار عقود من الزمن بعد عام 1966، كانت كرة القدم الإنجليزية تعاني من صراع آيديولوجي حول الكيفية التي يجب أن يلعب بها المنتخب الوطني، فكان البعض يطالب بالاعتماد على المديرين الفنيين المحليين، في حين كان آخرون يطالبون بفتح الباب على مصراعيه والتفاعل مع كرة القدم العالمية. وفي منتصف هذه المعركة وقف تيرينس فريدريك فينابلز بكل قوة أمام أعدائه ومنتقديه، وأصبح أسطورة حقيقية في عالم التدريب، رغم أن مقولة «لا كرامة لنبي في وطنه» تنطبق عليه تماماً، نظراً لأنه لم يحظَ بالتقدير الذي يستحقه.

لم يستمر هذا المدير الفني المميز، الذي أنقذ كرة القدم الإنجليزية من عزلتها، في مكان واحد لفترة كافية لتحقيق مجموعة من الإنجازات المقنعة بما يكفي لهزيمة منتقديه. وعلاوة على ذلك، فإن محاولاته الفوضوية، والمشكوك فيها في بعض الأحيان، لإثبات نفسه كرجل أعمال صاحب رؤية، أدت في نهاية المطاف إلى تدمير جهوده ليكون المدير الفني الذي يحلم به منتخب بلاده.

لكن هذا الشغف كان حقيقياً، خاصة بعد تكرار سنوات غراهام تايلور، عندما تم نسف التقدم الذي أحرزه المنتخب الإنجليزي بقيادة بوبي روبسون في كأس العالم بإيطاليا عام 1990 من قبل مسؤولي اتحاد كرة القدم الذين لم يكونوا مهتمين باستمرارية أساليب وطرق اللعب. وإذا كان التألق اللافت للأنظار للنجم بول جاسكوين قد كشف المغالطة القائلة إن المشجعين الإنجليز يكتفون برؤية كرة القدم المملة التي تُلعب من خلال الكرات العالية الطويلة، فإن كرة القدم الممتعة التي قدمها فينابلز في بطولة كأس الأمم الأوروبية عام 1996 كانت بمثابة استجابة لرغبة عميقة أخرى.

لكي يكون المدير الفني محبوباً من قبل الجماهير الإنجليزية في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، كان يتعين عليه أن يكون ودوداً وذكياً وإيجابياً، فضلاً عن أنه كان يتعين عليه أن يكون على المستوى نفسه من المعرفة التكتيكية التي يتمتع بها أفضل المديرين الفنيين في أوروبا، وهي الصفات التي توفرت جميعها في فينابلز. إن التصفيق الحار لفينابلز في ملاعب الدوري الإنجليزي الممتاز يوم وفاته يعكس الإعجاب المتأصل بالمدير الفني المبدع المناهض للمؤسسات، الذي تولى قيادة المنتخب الإنجليزي المنهار بعد فترة تايلور وحوله إلى منتخب قوي سحق هولندا بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد في نهائيات كأس الأمم الأوروبية عام 1996.

لقد تم تصوير فينابلز بشكل خاطئ على أنه شخص حالم. فقبل بطولة كأس الأمم الأوروبية عام 1996، قال: «في ظل كل الجدل الدائر حول حالة كرة القدم الإنجليزية، هناك عامل واحد يتم نسيانه باستمرار، وهو شخصية اللاعب الإنجليزي». لقد كان فينابلز يعطي قيمة متساوية للمهارات والعمل البدني القوي في الوقت نفسه، فكان يعتمد على مهارة ومرونة دارين أندرتون أو ستيف ماكمانامان إلى جانب قوة وشراسة توني آدامز وبول إينس، وفعالية آلان شيرار وتيدي شيرينغهام.

لم يكن فينابلز يبحث عن تقديم الفن والمتعة فقط، وإنما كان يعمل دائماً على أن يكون ذلك مصحوباً بالعمل الجاد من أجل تحقيق نتائج جيدة. وكان دون هاو، المعروف بنزعته الدفاعية، هو مساعده الأول. وكان التحدي الفكري المتمثل في التدريب وموهبته في إدارة الأفراد – لجعل مهمة لاعب كرة القدم ممتعة للغاية – بمثابة الإدمان الذي ظل يغريه بالعودة إلى العمل في مجال التدريب بينما كانت «خططه الاستثمارية» تأخذ معظم وقته.

ستيف ماكلارين مدرب إنجلترا وإلى يساره مساعده تيري فينابلز (أ.ف.ب)

وفي عصره، استوعب فينابلز قلق الأمة التي ظلت متوقفة عند ما حدث في 1966، لكنها كانت لا تزال في السنوات الأولى من ثورة الدوري الإنجليزي الممتاز، قبل أن يؤدي تدفق اللاعبين والمدربين الأجانب إلى إحداث تغيير هائل في كرة القدم الإنجليزية من حيث أسلوب وطريقة اللعب والروح. في زمن فينابلز، كانت كل النقاشات والمحادثات لا تزال داخلية، بمعنى أن الإنجليز كانوا يتحدثون مع أنفسهم. وكان الاختيار بين أمرين لا ثالث لهما: إما مع فينابلز أو ضده. وأصبح هناك انقسام كبير في الإعلام، بين من يعلق على كل كلمة يقولها فينابلز بالإعجاب، وبين من يترصد له ويتصيد له الأخطاء. في الحقيقة، لا يبدو أن أصحاب الرؤى الجريئة والمُصلحين في البلدان الأخرى يعيشون مثل هذه الحياة المعقدة!

لقد كان فينابلز يمتلك شخصية ساحرة، وكلما قضيت وقتاً أطول معه، لاحظت رغبته الشديدة في تعلم كل ما هو جديد. لقد كان يحث الجميع حول الطاولة التي يجلس عليها – سواء من خلال الحكايات الكوميدية والأمور التكتيكية – على الحصول على بعض المعلومات عن هذا اللاعب، أو ذلك الرئيس، أو هذا النادي أو ذاك. وخلف تلك الابتسامة الساحرة، وحبه لترديد أغنيات فرانك سيناترا واحترامه لذاته كرجل حكيم، كان فينابلز يمتلك عقلاً كروياً لا يتوقف عن التفكير. لقد كان يفكر دائماً في كيفية استغلال الفرصة التالية والعمل على البقاء في الصدارة.

وكان فينابلز، ذلك المدير الفني «المثقف» على حد وصف آدامز، هو من فتح أعين لاعبي المنتخب الإنجليزي في بطولة كأس الأمم الأوروبية عام 1996 على إمكانية اللعب مثل المنتخبات الكبرى في القارة. لقد قالوا جميعاً إن هذا هو ما كانوا يريدونه بالفعل، وهو الهروب من تاريخهم القاتل وتقديم شيء مختلف تماماً هذه المرة. وخلال تجربتيه القصيرتين مع المنتخب الإنجليزي ونادي برشلونة، أظهر فينابلز موهبة كبيرة لفهم الطبيعة البشرية في السياق الصعب والمضغوط لكرة القدم على مستوى النخبة، جنباً إلى جنب مع رؤيته الثاقبة للطريقة التي يجب أن تعمل بها كرة القدم من أجل تحقيق نتائج جيدة.

وبعد بطولة كأس الأمم الأوروبية 1996، لم يلحظ أحد أنه لم يكتب أسماء منفذي ركلات الترجيح في مباراة الدور نصف النهائي أمام ألمانيا بخلاف ركلات الجزاء الخمس الأولى: وهو الخطأ الذي سمح لغاريث ساوثغيت بالتطوع لتنفيذ ركلة الترجيح التالية، بدافع الواجب الوطني وليس لأنه يجيد ذلك. فشل ساوثغيت في التسجيل، وانتهى عهد فينابلز القصير الذي امتد على مدار 24 مباراة مع المنتخب الإنجليزي، بدءاً من مارس (آذار) 1994 حتى يونيو (حزيران) 1996. لقد رسخت بطولة كأس الأمم الأوروبية 1996 نفسها في التاريخ الإنجليزي بوصفها سحراً قصيراً، وولادة جديدة للمنتخب الوطني، ورداً على مسؤولي الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم الذين لم يثقوا بفينابلز، بينما كانوا يحاولون بناء ثورة تجارية على أساس الشعبية الكبيرة التي حققها فريقه في عام 1996.

لقد كان فينابلز مشتتاً ومتقلباً للغاية بحيث لا يمكن اعتباره رجل دولة، لكنه كان يسبح في عالم من الخيال والإلهام، بشكل لا يمكن قوله عن العديد من مدربي المنتخب الإنجليزي. لقد كان هناك وقت كانت فيه طريقة اللعب التي يعتمد عليها، وهي 4-3-2-1، تبدو غريبة للغاية لدرجة أن الناس كانوا يطلقون عليها اسم «شجرة عيد الميلاد»، لكنها أصبحت الآن طريقة فعالة ومنتشرة للغاية. وحتى لو لم تكن هذه الطريقة تروق للبعض، فمن المؤكد أن فينابلز كان لديه العديد من الطرق والأفكار الأخرى، لأنه كان مبدعاً ولم يكن يفتقر إلى الحلول أبداً.

*خدمة «الغارديان»



المصدر

صالح علي

كاتب ومحرر صحفي

كيف تحاكم إسرائيل وتسجن أطفالا في الثانية عشرة من العمر؟

أيندهوفن يُقصي إشبيلية ويتأهل رفقة أرسنال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *