نتنياهو يرفض مطالب بايدن بالالتزام بقواعد الحرب الدولية
لم تلق مطالب الرئيس الأميركي جو بايدن آذانا صاغية من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال المكالمة الهاتفية مساء أمس (الثلاثاء) التي حث فيها بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي على الالتزام بالقواعد القانونية الدولية للحروب والعمل على تجنب الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين في قطاع غزة، بينما تقوم القوات الإسرائيلية بشن حملتها العسكرية للقطاع.
وأشارت مصادر في البيت الأبيض إلى أن المكالمة التي استمرت لأكثر من 40 دقيقة، أصر فيها نتنياهو على أن إسرائيل تتعرض لأسوأ هجوم منذ المحرقة (الهولوكوست) وأن فظائع حركة «حماس» ضد المدنيين الإسرائيليين كانت الأسوأ منذ المحرقة. وأضاف نتنياهو: «حماس أسوأ من (داعش) وعلى إسرائيل أن تحاربها على هذا النحو».
واستطرد نتنياهو في حديثه مع بايدن – الذي أذاعت القنوات الأميركية دقائق تظهره (نتنياهو) يتحدث عبر الهاتف – عن الجرائم التي ارتكبتها حركة حماس، واتهم مقاتلي حماس بخطف النساء والأطفال وإحراقهم وإعدامهم وقطع رؤوسهم، وهي الكلمات نفسها التي استخدمها بايدن في خطابه بعد المحادثة الهاتفية.
وتطرق الحديث بينهما إلى تفاصيل المساعدات العسكرية التي تريدها إسرائيل وحصل نتنياهو على وعد من الرئيس الأميركي بالحصول على كل ما تحتاج إليه إسرائيل من دعم عسكري ولوجيستي وسياسي على مدى زمني طويل، بعدما أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي أن أهدافه تتعلق بسحق حماس في قطاع غزة وأن العملية سوف تستعرق عدة أشهر. ووفقا لمصادر البيت الأبيض أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي عدم اكتراثه بمخاطر التصعيد من أطراف إقليمية أخرى، مؤكدا إصرار القوات الإسرائيلية على مواجهة جميع التحديات وأنه يتوقع المساندة الأميركية والدولية لدولة إسرائيل.
الإمدادات العسكرية لإسرائيل
ووعد الرئيس الأميركي بأن الولايات المتحدة ستقدم المزيد من المساعدات العسكرية الإضافية لإسرائيل، وأعلن عن إرسال حاملة طائرات ثانية وأسطول من السفن الداعمة إلى شرق البحر المتوسط لإرسال رسالة قوية إلى كل من يفكر في استغلال الوضع، وهي رسالة غير مباشرة لإيران لمنعها من تصعيد الأزمة والدفع بقوات «حزب الله» اللبناني لمهاجمة إسرائيل.
وقد أعلن الجيش الإسرائيلي صباح اليوم وصول أول طائرة إمداد عسكرية أميركية إلى قاعدة جوية عسكرية بجنوب إسرائيل، كما أعلن البنتاغون الأميركي وصول السفينة يو إس إس جيرالد فورد إلى المنطقة، مساء الثلاثاء، وإرسال حاملة الطائرات يو إس إس دوايت أيزنهاور إلى المنطقة في غضون أسبوعين، وتحمل مجموعتين هجوميتين من الطائرات المقاتلة، إضافة إلى 12 سفينة حربية تقدم الدعم، وتوفير مجموعة من خيارات الضربات بعيدة المدى للقوات الإسرائيلية إذا تطلب الأمر ذلك، كما يمكن أن تشمل جمع المعلومات الاستخبارية.
وقال وزير الدفاع لويد أوستن للصحافيين المسافرين معه يوم الثلاثاء (لحضور اجتماع مجموعة الاتصال الأوكرانية في بروكسل) إن مجموعة صغيرة من قوات العمليات الخاصة الأميركية تعمل أيضاً مع الإسرائيليين للمساعدة في التخطيط والاستخبارات. وعرض وزير الدفاع لويد أوستن في وقت سابق من هذا الأسبوع على وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت التخطيط والدعم الاستخباراتي من كوماندوز العمليات الخاصة لمساعدة إسرائيل في التعامل مع أزمة الرهائن المتفاقمة.
وشدد أوستن خلال مؤتمر صحافي مساء اليوم بعد اجتماع مجموعة دعم أوكرانيا على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وأشار إلى وجود «أشخاص على الأرض» لمساعدة إسرائيل في عمليات الاستخبارات والتخطيط.
وأكد مسؤولو البيت الأبيض أنه بدأ بالفعل تسليم الذخائر والمعدات العسكرية التي تشتد الحاجة إليها إلى إسرائيل، وأن البنتاغون يقوم بمراجعة مخزوناته لمعرفة ما يمكن إرساله بسرعة لتعزيز قدرات إسرائيل في الحرب ضد حماس، ولمنع الحرب من الامتداد إلى منطقة أخرى، وصرح المسؤولون باحتمالات اندلاع صراع إقليمي أكثر خطورة.
بايدن يقدم الدعم الصارم
في خطاب عاطفي مؤثر بعد وقت قصير من مكالمته مع نتنياهو، وعد بايدن بضمان حصول إسرائيل على ما تحتاج إليه للرد على الهجوم الذي وصفة بالإرهابي، واصفا حركة حماس بـ«الشر المطلق». وقال: «هناك لحظات في هذه الحياة يتم فيها إطلاق العنان لشر خالص في هذا العالم، وما رأيناه هو عمل من أعمال الشر المطلق». وأضاف: «لقد ذبح الآباء، الذين استخدموا أجسادهم في محاولة لحماية أطفالهم، ولدينا تقارير مثيرة للقلق عن مقتل أطفال؛ مقتل عائلات بأكملها؛ ذبح الشباب في أثناء حضورهم مهرجاناً موسيقياً، لقد اغتصبوا النساء وقاموا بالاعتداء عليهن». وشبه بايدن حركة «حماس» بما يقوم به «داعش»، وقال إن «وحشية حماس، المتعطشة للدماء يعيد إلى الأذهان أسوأ أعمال العنف التي قام بها تنظيم داعش».
وقال بايدن: «قد تكون قلوبنا مكسورة، ولكن تصميمنا واضح». وأضاف: «لا يوجد شك. الولايات المتحدة تدعم إسرائيل. سوف نتأكد من أن دولة إسرائيل اليهودية والديمقراطية قادرة على الدفاع عن نفسها اليوم، وغداً كما فعلنا دائماً».
وتجنب الرئيس الأميركي توجيه أي انتقاد علني لإسرائيل بشأن الغارات الجوية التي تشنها ضد المدنيين في قطاع غزة، التي خلفت مئات القتلى والجرحى الفلسطينيين، لكنه أشار إلى ضرورة احترام القانون الدولي في الهجمات التي تشنها إسرائيل ضد «حماس». ولفت الرئيس الأميركي إلى أنه قال لنتنياهو إن الدول الديمقراطية مثل إسرائيل والولايات المتحدة تكون أقوى وأكثر أمنا حينما تتصرف وفقا لسيادة القانون. وأضاف: «الإرهابيون يستهدفون المدنيين عمدا ويقتلونهم»، مشددا «نحن نلتزم بقوانين الحرب».
وجدد بايدن تحذيراته للدول والمنظمات والأشخاص الذين قد يرغبون في استغلال الاضطرابات، دون أن يسميهم، وقال: «دعوني أحذر مرة أخرى أي دولة، وأي منظمة، وأي شخص يفكر في الاستفادة من الوضع. لدي كلمة واحدة: لا تفعل».
وفي لمحة مقتضبة أشار بايدن إلى حق الشعب الفلسطيني، لكنه ألقى بالمسؤولية على حركة «حماس» لما قد يعانيه الفلسطينيون من ويلات القصف الإسرائيلي والاجتياح البري المتوقع للقطاع، واصفا ما قامت به «حماس» من الإرهاب بأنه ليس له مبرر. وقال: «ليس هناك عذر، إن حماس لا تدافع عن حق الشعب الفلسطيني في الكرامة وتقرير المصير، وهدفهم المعلن هو إبادة دولة إسرائيل وقتل الشعب اليهودي، إنهم يستخدمون المدنيين الفلسطينيين دروعا بشرية».
أزمة الرهائن
وقال بايدن: «بصفتي رئيسا ليس لدي أولوية أعلى من سلامة الأميركيين المحتجزين كرهائن حول العالم». وأشار إلى أنه وجه فريقه بتبادل الخبراء الاستخباراتيين والعسكريين لتقديم المشورة للإسرائيليين فيما يتعلق بخبرات تحرير واستعادة الرهائن.
وأبدى الرئيس بايدن تضامنا وتعاطفا كبيرا من المختطفين وقال: «لا تزال هناك عائلات كثيرة تنتظر بفارغ الصبر معرفة مصير أحبائها. لا يعرفون ما إذا كانوا أحياء أم أمواتاً أم [محتجزين] كرهائن. أطفال رضع بين أذرع أمهاتهم، وأجداد على كراسي متحركة، وناجون من المحرقة يتم اختطافهم واحتجازهم رهائن». وأضاف مستخدما الكلمات نفسها والتوصيف الذي استخدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي: «لقد أعاد هذا الهجوم إلى السطح ذكريات مؤلمة وندوبا خلفتها آلاف السنين من معاداة السامية والإبادة الجماعية للشعب اليهودي».
وقال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض للصحافيين، مساء أمس، إن الولايات المتحدة لا تعرف العدد الدقيق للأميركيين المحتجزين كرهائن، وقال إن الولايات المتحدة، في الوقت الحالي، ليست لديها خطط لنشر قوات أميركية على الأرض.
ويقول المحللون إن إدارة بايدن تسير على خط رفيع في هذا الصراع ما بين دعم إسرائيل ومواجهة مسؤولية أخلاقية وقانونية للعنف الذي تمارسه إسرائيل ضد المدنيين في قطاع غزة وممارسة نوع من التجويع والتهجير لسكان القطاع، كما تطرح الحرب تحديات في سياسات بايدن الخارجية فيما يتعلق بردع قوى إقليمية مثل «حزب الله» اللبناني وتجنب فتح جبهة شمالية بالحرب، بينما تسعى لتحرير أكثر من 100 رهينة احتجزتهم حركة «حماس».
اكتشاف المزيد من صحيفة دي إي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.