تواصل القصف الإسرائيلي، ليل الأربعاء الخميس، على قطاع غزة، موقعا عشرات القتلى وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حركة حماس» في القطاع المحاصر، مع تصاعد التوترات الإقليمية بسبب الحرب المستمرة منذ قرابة ثلاثة أشهر.
ويتوجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الخميس، إلى الشرق الأوسط وسط تصاعد المخاوف من توسع رقعة الحرب في قطاع غزة بعد تصفية القيادي في «حركة حماس» صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية والتفجيرين في إيران.
ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، يغادر بلينكن واشنطن، مساء الخميس، في رابع جولة يقوم بها في الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و«حركة حماس» في قطاع غزة، وتشمل إسرائيل ومحطات كثيرة أخرى في المنطقة، على ما أفاد مسؤول أميركي مساء الأربعاء.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في إطار حملته الرامية إلى «القضاء» على «حماس»، شن ضربات جديدة على مدينة غزة ومحيطها، والتي أصبحت منطقة قتال يعمها الدمار، وعلى خان يونس، أكبر مركز حضري في جنوب القطاع المحاصر.
من جهتها، قالت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس»: «استُشهد، منذ فجر اليوم الخميس، عشرات المواطنين، بينهم أطفال ونساء، وأصيب آخرون بجروح، في قصف الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة»؛ وفق ما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا».
وتسبب القصف في اندلاع حرائق في منطقة دير البلح وسط قطاع غزة وفي مخيم المغازي للاجئين.
وقال إبراهيم الغمري وهو أحد السكان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كان الناس آمنين في منازلهم، كان المنزل مليئاً بالأطفال. كان هناك حوالي 30 شخصاً. وفجأة وقعت منازلهم عليهم… ما ذنب هؤلاء الأطفال؟».
وأسفرت الضربة الإسرائيلية مساء الثلاثاء عن مقتل صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حركة حماس»، مع ستة أشخاص آخرين في منطقة المشرّفية في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله» المدعوم من إيران، واتهمت «حماس» والسلطات اللبنانية إسرائيل بتنفيذها.
وحذّر الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله إسرائيل من أي تصعيد بعد قتل العاروري الذي يشيع الخميس في مخيم شاتيلا في بيروت، مؤكدا «إذا فكر العدو أن يشن حربا على لبنان، فسيكون قتالنا بلا سقوف وبلا قواعد وبلا حدود وبلا ضوابط… لسنا خائفين من الحرب ولا نخشاها».
وفي إسرائيل، أعلن رئيس هيئة أركان الجيش هرتسي هاليفي أن القوات في حال التأهب على الحدود الشمالية مع لبنان التي تشهد تبادل إطلاق نار شبه يومي منذ اندلاع الحرب في غزة.
وأعلن «حزب الله»، الخميس، أن أربعة آخرين من مقاتليه قتلوا خلال الليل، ما يرفع عدد القتلى إلى 129 منذ اندلاع الأعمال القتالية على الحدود.
وقال رئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد برنيع، الأربعاء إن جهاز الاستخبارات «ملتزم بتصفية الحسابات مع القتلة الذين وصلوا إلى غلاف غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)»، ومع قيادة «حماس».
وأضاف «على كل أم عربية أن تعلم أنه إذا شارك ابنها بشكل مباشر أو غير مباشر في مذبحة السابع من أكتوبر، فإن دمه سيكون في رقبته».
«قُتلوا وهم نائمون»
وتوعدت إسرائيل بـ«القضاء» على «حماس» بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته الحركة على جنوب الدولة العبرية في السابع من أكتوبر وأودى بنحو 1140 شخصا معظمهم مدنيّون، وفق حصيلة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» تستند إلى بيانات رسميّة. كما أُخذ نحو 250 شخصا رهائن، لا يزال 129 منهم محتجزين في قطاع غزة، بحسب أرقام الجيش الإسرائيلي.
وترد إسرائيل منذ ذلك الحين بقصف عنيف يترافق منذ 27 أكتوبر مع هجوم بري، ما أدى إلى مقتل 22313 شخصا معظمهم من النساء والأطفال، وفق آخر أرقام وزارة الصحة التابعة لـ«حركة حماس».
ويعاني سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2,4 مليون والذين نزح أكثر من 85 في المائة منهم، وفق الأمم المتحدة، أزمة إنسانية كارثية وبات معظمهم على شفير المجاعة وفق الوكالات الدولية، في ظل نقص حاد في المواد الغذائية والمياه والوقود والأدوية فيما لا تدخل المساعدات الإنسانية إلا بكميات ضئيلة جدا رغم صدور قرار بهذا الصدد عن الأمم المتحدة.
وقال سكان كانوا يبكون أحباء لهم قتلى ملفوفين بأكفان في مستشفى في خان يونس، إن غارة جوية على جنوب غزة أسفرت عن مقتل فلسطينيين نازحين يعيشون في خيم.
من بين هؤلاء بهاء أبو حطب الذي قال إن أبناء شقيقه قتلوا، وروى «كانوا يعيشون في خيمة في أرض زراعية لإيواء أنفسهم من البرد. أتت الطائرات الإسرائيلية وقصفتهم وهم نائمون. لماذا؟ هل هؤلاء الأطفال يشكّلون خطرا على إسرائيل وأميركا؟».
من جانبه، أعرب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الخميس، عن «قلق شديد» بعد تصريحات مسؤولين إسرائيليين دعوا إلى تشجيع الفلسطينيين على مغادرة قطاع غزة.
وكتب تورك عبر منصة «إكس»، مبديا «قلقا شديدا حيال تصريحات مسؤولين إسرائيليين كبار حول خطط لنقل المدنيين من قطاع غزة إلى دول ثالثة»، مذكرا بأن «القانون الدولي يحظر النقل القسري لأشخاص يحظون بالحماية داخل أرض محتلة أو ترحيلهم منها».
ويتصاعد التوتر أيضاً في سوريا والعراق مع استهداف قواعد للقوات الأميركية في البلدين بهجمات، وكذلك في البحر الأحمر، حيث يشن الحوثيون اليمنيون هجمات قرصنة على سفن تجارية، ما أدى إلى بلبلة حركة الملاحة في هذا الممر البحري المهم.
وقُتل قيادي عسكري وعنصر في أحد الفصائل الحليفة لإيران في «قصف أميركي» استهدف الخميس مقرا للحشد الشعبي في بغداد، وفق ما أفاد الفصيل، في هجوم حمّلت بغداد مسؤوليته للتحالف الدولي لمكافحة «تنظيم داعش» الذي تقوده واشنطن.
ويأتي هذا الهجوم في وقت تعرّضت القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي لأكثر من مائة هجوم بصواريخ وطائرات مسيّرة منذ منتصف أكتوبر، بعد أيام على اندلاع الحرب بين إسرائيل و«حماس».
وحذّرت 12 دولة على رأسها الولايات المتحدة المتمردين الحوثيين في اليمن الأربعاء من عواقب لم تحددها، ما لم يوقفوا فورا هجماتهم على السفن في البحر الأحمر.
وقال ائتلاف الدول في بيان نشره البيت الأبيض: «على الحوثيين أن يتحملوا مسؤولية العواقب إذا استمروا في تهديد الأرواح والاقتصاد العالمي وحرية انتقال البضائع في الممرات المائية الأساسية في المنطقة».
وأضاف «لتكن رسالتنا الآن واضحة: ندعو إلى وقف هذه الهجمات غير القانونية فورا والإفراج عن السفن وطواقمها المحتجزة بشكل غير قانوني».
والدولة العربية الوحيدة الموقعة على البيان هي البحرين التي تشهد توترا في علاقاتها مع إيران التي تدعم الحوثيين. والدول الأخرى الموقعة هي أستراليا وكندا وبلجيكا وألمانيا وإيطاليا واليابان ونيوزيلندا وبريطانيا والدنمارك وهولندا.