بعد خسارة معركة أفدييفكا… هل ما زال في جعبة الغرب ما يقدمه لأوكرانيا؟
حققت القوات الروسية انتصاراً رمزياً مهماً بحسم معركة أفدييفكا بعد قتال شرس استمر لأكثر من 4 أشهر مع القوات الأوكرانية حول تلك المدينة الاستراتيجية في دونيتسك بشرق أوكرانيا، لتبعث برسالة مهمة قبل أيام من دخول الحرب عامها الثالث، وتطرح تساؤلاً بشأن قدرة حلفاء كييف على مساعدتها، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.
وأقرّت أوكرانيا بخسارة تلك المعركة، واعترف كبار قادتها العسكريين بأن قرار سحب قواتهم من الخطوط الأمامية جاء حفاظاً على أرواح العسكريين الأوكرانيين، بينما هنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوات بلاده المسلحة على «النجاح والنصر المهم».
وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أنه يتم حالياً اتخاذ الإجراءات اللازمة «لتطهير المدينة نهائياً من المسلحين ودحر الوحدات الأوكرانية التي غادرت المدينة واستقرت في مصنع أفدييفكا للكيماويات».
وعدّت الوزارة أن «تحرير مدينة أفدييفكا أتاح نقل خط المواجهة بعيداً عن دونيتسك، وبالتالي حمايته بشكل كبير من الهجمات الإرهابية التي يشنها نظام كييف الإجرامي»، مضيفة أنه «لم يتم نشر المعلومات حول تقدم قواتنا إلا بعد هزيمة العدو بالكامل والسيطرة على المدينة».
ووصفت شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية الأميركية هذا التطور، بأنه بمثابة «نصر كبير» للرئيس الروسي، وبأنه الأكبر منذ سقوط مدينة باخموت في يد القوات الروسية في شهر مايو (أيار) الماضي، والتي كانت البوابة الرئيسية لروسيا للتقدم في دونيتسك.
ورأت الشبكة الأميركية أن هذا النصر جاء في «توقيت حاسم»، حيث «تبحث روسيا عن دفعة معنوية مع اقتراب الذكرى السنوية الثانية لغزوها لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط)، وقبل الانتخابات الرئاسية المقررة في مارس (آذار) في روسيا».
من جهته، عزا الرئيس الأميركي جو بايدن ما حدث إلى «تقاعس» المشرعين الأميركيين، وعدم قدرة الكونغرس على تمرير مزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وجاء تصريح بايدن خلال محادثة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد لقاء الأخير مع نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في مؤتمر ميونيخ للأمن، الذي هيمنت عليه مسألة المساعدات الغربية المقدمة لكييف.
وأعرب مسؤولون أميركيون مؤخراً عن قلقهم بشأن المكاسب الروسية، وأشاروا إلى أنها «انعكاس لتباطؤ المساعدات»، بحسب شبكة «سي إن إن» التي نقلت عن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون، قولها: «هذه تكلفة تقاعس الكونغرس… يواصل الأوكرانيون القتال بشجاعة، لكن الإمدادات لديهم بدأت تنفد».
وتعد الولايات المتحدة أكبر داعم منفرد لأوكرانيا، إلا أن نحو 60 مليار دولار لكييف معطلة بسبب خلافات سياسية بين المشرّعين الأميركيين.
وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن موافقة جميع دول الاتحاد الأوروبي الـ27 في وقت سابق من هذا الشهر، على حزمة مساعدات مالية بقيمة 50 مليار يورو (54 مليار دولار) لأوكرانيا، جاءت متأخرة لتُمنى كييف بخسارة أخرى ذات مغزى.
وربما هذا ما دفع زيلينسكي للقيام، يوم الجمعة، برحلة أخرى إلى غرب أوروبا بهدف الضغط على حلفاء بلاده الغربيين لمواصلة تقديم الدعم العسكري، وفقاً لـ«فوكس نيوز».
وسلّطت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية الضوء على مقطع فيديو مصوّر نشره عسكريون أوكرانيون لأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهرون فيه في قبو مظلم بمصنع أفدييفكا لفحم الكوك، وقالوا إنهم كانوا يحتمون من قنابل جوية تزن 500 كغم تلقيها عليهم القوات الروسية.
وتطرقت الصحيفة إلى أهمية الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا في هذه المرحلة المهمة من الحرب، محذرة من أن «الذخائر على وشك النفاد في البلاد، كما أن قذائف المدفعية على وشك النفاد، ما لم يأذن الكونغرس بتقديم مزيد من المساعدات».
وحصلت أوكرانيا على مساعدات بقيمة عشرات المليارات من الدولارات من واشنطن وحلفائها الغربيين منذ بداية الحرب، إلا أن الرئيس الأوكراني لا يكف عن المطالبة بالمزيد.
ويرى محللون أن أوكرانيا ربما تواجه شهوراً صعبة في ظل تقدم القوات الروسية وشح الإمدادات خصوصاً مع نقص الذخيرة عالمياً، وتسرب إحساس لدى حلفاء كييف بأن مطالب زيلينسكي التي لا تنتهي لم تغير الوضع على الأرض كثيراً، على الرغم من تفاؤله من قبل بالحصول مثلاً على دبابات «ليوبارد» وتأكيده أنها ستسهم في قلب الموازين خلال ما عُرف بـ«الهجوم المضاد» والذي أجمع كثير من دوائر التحليل السياسي على فشله في تحقيق أهدافه المرجوة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.