تشهد فرنسا منذ أيام تحركات احتجاجية ينظمها مزارعون للتنديد بظروف العمل في هذا القطاع الحيوي الذي يعاني اليوم من ارتفاع تكاليف الإنتاج والقيود الأوروبية والالتزامات البيئية التي تطالبهم باتخاذ تدابير للتقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة. وأغلق المزارعون المحتجون الطرقات في عدة مناطق بفرنسا والتقاطعات الدائرية استجابة لدعوة النقابة الزراعية الأولى في فرنسا. وعلى غرار المزارعين في فرنسا، تشهد عدة مدن أوروبية مثل ألمانيا وهولندا ورومانيا تحركات مماثلة.
نشرت في:
4 دقائق
تتصاعد مشاعر الغضب في الأرياف الفرنسية حيث يحتج المزارعون كما جيرانهم في عدد من الدول الأوروبية على ارتفاع تكاليف الإنتاج والالتزامات البيئية المتزايدة.
وتنديدا بـ”عالم يسير عكس التيار” بدأ المزارعون في الخريف بقلب لافتات الدخول إلى البلديات. ومنذ مساء الخميس أغلقوا طرقا سريعة في جنوب غرب البلاد وتجمعوا أيضا في التقاطعات الدائرية. وهم يعتزمون اتخاذ إجراءات أخرى تلبية لدعوة النقابة الزراعية الأولى في البلاد.
ويأتي هذا التحرك قبل أشهر من الانتخابات الأوروبية المقررة في حزيران/يونيو، علما بأن المفوضية الأوروبية ستطلق “حوارا استراتيجيا” يجمع بين المنظمات الزراعية وأيضا قطاع الأغذية الزراعية والمنظمات غير الحكومية والخبراء بهدف نزع فتيل الأزمة بين سكان المناطق الريفية.
وتشهد عدة دول أوروبية اليوم احتجاجات في قطاع الزراعة من شأنها أن تتسع.
هولندا
بدأت انتفاضة العالم الزراعي في حزيران/يونيو 2022 في هولندا التي يبلغ عدد سكانها حوالي 18 مليون نسمة، وهي ثاني أكبر مصدر للمنتجات الغذائية بعد الولايات المتحدة.
تسببت خطة حكومية لخفض انبعاثات النيتروجين عن طريق الحد من المواشي بفقدان آلاف المزارعين الهولنديين مصدر رزقهم. وبواسطة جراراتهم قطعوا الطرق السريعة واحتجوا أمام منازل القادة السياسيين.
وأصبحت الأعلام الهولندية المقلوبة رمزا لثورتهم التي تحظى بدعم الشعبويين في جميع أنحاء العالم وبينهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
بعد أشهر من الاحتجاجات أدت الثورة ضد السلطة التنفيذية إلى دعم انتخابي عارم لحزب فتي يجمع مزارعين هو “حركة المزارعين المواطنين” التي دخلت بقوة إلى مجلس الشيوخ في آذار/مارس 2023، لكنها فازت بأقل مما كان متوقعا في الانتخابات العامة في تشرين الثاني/نوفمبر.
بولندا ورومانيا
سرعان ما انتقلت مشاعر “السخط” في الأشهر الأخيرة إلى بولندا ورومانيا وسلوفاكيا والمجر وبلغاريا حيث يندد المنتجون بـ”المنافسة غير العادلة” من جانب أوكرانيا المتهمة بخفض أسعار الحبوب.
وفي أعقاب الهجوم الروسي، علق الاتحاد الأوروبي الرسوم الجمركية على جميع المنتجات المستوردة من أوكرانيا في أيار/مايو 2022، وأنشأ “ممرات تضامن” للسماح لكييف بنقل مخزونها من الحبوب. لكن كمية كبيرة من الحبوب تراكمت لدى جيرانها الأوروبيين.
واحتجاجا على تدفق كميات القمح أو الذرة، عمد المزارعون البلغار والرومانيون إلى استخدام جراراتهم لإغلاق المعابر الحدودية مع أوكرانيا. وفي بولندا، أدت الاحتجاجات إلى استقالة وزير الزراعة في نيسان/أبريل 2023.
لكن ذلك لم يساهم في تهدئة غضبهم: فقد بدأ المشغلون البولنديون بإغلاق نقاط العبور مع أوكرانيا في تشرين الثاني/توفمبر إلى جانب سائقي الشاحنات. وعلق المزارعون تحركهم في 6 كانون الثاني/يناير بعد اتفاق مع الحكومة البولندية ينص على تقديم إعانات.
في رومانيا، لا يزال المزارعون يضغطون على الحكومة وتظاهروا مجددا في 14 كانون الثاني/يناير ضد الضرائب التي وصفوها بالباهظة.
وعلى المفوضية الأوروبية أن تكشف قريبا نواياها بشأن تجديد الإعفاء الجمركي الذي ينتهي العمل به في حزيران/يونيو.
ألمانيا
في ألمانيا أكد عدد كبير من المزارعين معارضتهم خطة حكومة المستشار أولاف شولتز التي تقضي بزيادة الضرائب على الديزل الزراعي وأعلن عنها في كانون الأول/ديسمبر.
ومطلع كانون الثاني/يناير أطلقوا أسبوع احتجاجات قامت خلاله قوافل من الجرارات بإغلاق الطرق في جميع أنحاء البلاد.
ووافقت الحكومة الائتلافية الحاكمة التي تضم الديمقراطيين الاشتراكيين والخضر والليبراليين على تقسيط إلغاء الإعفاء حتى 2026، ووعدت بقدر أقل من البيروقراطية. ولكن سيكون من الصعب عليها أن تفعل المزيد في وقت ينبغي عليها توفير المليارات من نفقات الميزانية امتثالا لإنذار القضاة الدستوريين.
بلدان أخرى
من الممكن أن يتسع التحرك ليشمل دولا أخرى في أوروبا. وتقول رئيسة لجنة المنظمات الزراعية المهنية في الاتحاد الأوروبي كريستيان لامبير إن “(الاتحادين الزراعيين) الإيطالي والإسباني يتحدثان أيضا عن مظاهرات”.
وفي المملكة المتحدة، تظاهر منتجو الفواكه والخضروات الإثنين أمام البرلمان في لندن احتجاجا على عقود الشراء “غير العادلة” التي تلزمهم التوزيع على نطاق واسع.
فرانس24 / أ ف ب