تشديد مصري – إسباني على رفض التصعيد العسكري في قطاع غزة
شددت القاهرة ومدريد على «رفض التصعيد العسكري في قطاع غزة». وحذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ووزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، خلال لقائهما في القاهرة الخميس، من «أي عمليات عسكرية في رفح الفلسطينية لما ستسببه من عواقب إنسانية وخيمة»، بحسب إفادة رسمية لمتحدث الرئاسة المصرية، أحمد فهمي.
يأتي هذا فيما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن دخول الجيش الإسرائيلي إلى رفح «ضروري لتحقيق أهداف الحرب»، متمسكاً بحتمية اجتياح مدينة رفح الفلسطينية رغم التحذيرات الدولية من التداعيات الإنسانية لذلك على المدينة التي تعد الملاذ الأخير للنازحين الفلسطينيين.
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية إن «السيسي وألباريس أكدا رفض جميع الإجراءات التي قد تؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم». كما «شددا على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وإدخال المساعدات الإغاثية بالكميات الكافية للقطاع لإنقاذه من المأساة الإنسانية التي يواجهها». وأكدا «ضرورة دعم وكالة (الأونروا) ليتسنى لها القيام بدورها الإنساني في هذا الإطار».
وشدد السيسي وألباريس على «ضرورة اتخاذ خطوات واضحة وملموسة من قبل المجتمع الدولي، للاعتراف بالدولة الفلسطينية وحصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، بما يفتح المجال لتفعيل حل الدولتين، بعدّه الأساس لاستعادة الأمن والاستقرار الإقليميين»، بحسب المتحدث الرسمي.
وأشار أحمد فهمي إلى أن «اللقاء ركز على مستجدات الأوضاع الإقليمية؛ حيث أعرب وزير الخارجية الإسباني عن تقدير بلاده وأوروبا لمكانة مصر بوصفها قوة إقليمية رشيدة تعمل من أجل السلام والاستقرار في الشرق الأوسط ومنطقة البحر المتوسط»، منوهاً على وجه الخصوص بـ«الدور المصري المسؤول منذ بداية الأزمة في قطاع غزة، وحرص مصر على دفع التهدئة ووقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين، فضلاً عن موقفها القيادي عالمياً بالتصدي لإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع رغم العراقيل الشديدة في هذا الصدد».
وتتوسط الولايات المتحدة وقطر ومصر في مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» منذ يناير (كانون الثاني) الماضي؛ وعُقدت جولات مفاوضات في باريس والقاهرة والدوحة، لكن هذه الجهود لم تسفر عن اتفاق حتى الآن. وسبق أن نجحت الوساطة المصرية – القطرية، في وقف القتال لمدة أسبوع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تم خلاله تبادل محتجزين من الجانبين.
بدوره، قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإسباني، الخميس، إن «هناك توافقاً مصرياً – إسبانياً على ضرورة وقف إطلاق نار فوري بغزة». واتهم شكري إسرائيل بـ«تعمد عرقلة إدخال المساعدات إلى قطاع غزة»، مشدداً على «ضرورة العمل على وقف الأعمال العسكرية في النزاعات المسلحة».
كما أكد وزير الخارجية الإسباني «ضرورة وضع إطار يسمح للشعب الفلسطيني بالعيش في سلام»، مشيراً إلى «توافق بين مصر وإسبانيا على إنهاء معاناة الفلسطينيين».
وفي سياق متصل، استقبل الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، الخميس، وزير الخارجية الإسباني، الذي يزور مصر ضمن جولة في المنطقة. وألقى ألباريس كلمة أمام مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين «تركزت حول الحرب على غزة، وأولوية وقف إطلاق النار، ورفض التهجير القسري وأي عملية إسرائيلية مفترضة على رفح».
ووفق المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، جمال رشدي، فإن «مباحثات أبو الغيط وألباريس تناولت آخر التطورات الجارية فيما يخص الحرب على غزة؛ حيث أكد وزير الخارجية الإسباني على أولوية وقف إطلاق النار بشكل فوري ومُستدام في قطاع غزة، والحفاظ على الوحدة والاتصال الجغرافي بين غزة والضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية، والعمل على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في أقرب الآجال».
وأضاف رشدي أن «ألباريس أكد عزم بلاده على الاعتراف بالدولة الفلسطينية في وقت قريب»، فيما «حثه أبو الغيط على إظهار قيادة إسبانيا لهذا الاتجاه داخل الاتحاد الأوروبي»، مؤكداً أن «الاعتراف بفلسطين وقبولها عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة يُمثل خطوة مهمة نحو تحقيق حل الدولتين»، مشيراً إلى «الدور التاريخي الذي لعبته إسبانيا من أجل السلام في إطار عملية مدريد».
وأكد أبو الغيط أن «المذبحة الإسرائيلية وصلت إلى مدى غير مسبوق كنتيجة مباشرة للضوء الأخضر الذي أعطته بعض الدول الغربية لممارسة العدوان والقتل تحت اسم حق الدفاع عن النفس، وهو حق لا يستقيم أبداً أن تحوزه قوة قائمة بالاحتلال»، بحسب المتحدث باسم الأمين العام.
وقال رشدي إن «أبو الغيط وألباريس ناقشا فكرة عقد مؤتمر دولي للسلام تستضيفه إسبانيا»؛ حيث «أكد الأمين العام للجامعة العربية على ضرورة العمل المشترك على الصعيدين العربي والأوروبي، ومع جميع الأطراف الأخرى، لتحويل هذه الفكرة إلى واقع في أقرب فرصة، بهدف تحقيق حل الدولتين وإيجاد حل سياسي للفلسطينيين في المرحلة المقبلة».
تأتي زيارة ألباريس لمصر بعد يوم من لقاء رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، والرئيس المصري في القاهرة؛ حيث حذر السيسي من «مخطط إسرائيل لشن عملية عسكرية في رفح بما يهدد حياة أكثر من 1.5 مليون نازح لجأوا إلى المنطقة».
ويرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، رخا أحمد حسن، أن «زيارتي روته وألباريس لمصر ترسلان رسالة مفادها أن المجتمع الدولي مستاء من تصرفات إسرائيل». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تل أبيب فقدت أهم شيء وهو القبول»، مشيراً إلى أن «هناك انقساماً في أوروبا بشأن الحرب في غزة، كما أن بعض الدول أقدمت على تعديل مواقفها تحت ضغط الرأي العام، من بينها هولندا».
وأضاف رخا أن «هناك عدة رسائل من الزيارات الأوروبية للقاهرة، منها إظهار أن إسرائيل لم تعد تحظى بالتأييد الذي حظيت به من قبل، إلى جانب تهدئة الرأي العام الداخلي في تلك الدول الأوروبية، وإرسال رسالة دعم للعالم العربي»، لافتاً أن «هناك أيضاً رسالة متعلقة بتأكيد عمق التواصل مع مصر بعدّها طرفاً رئيسياً ومركزياً في حل الأزمة، لذلك من المهم معرفة ما يدور من كثب بشأن جهود الوساطة لوقف إطلاق النار».