الأزمة الليبية تتلقى جرعة دعم دولي لكسر الجمود السياسي
كثّفت أطراف دولية من ظهورها على مسرح الأحداث في ليبيا، بعد غياب نسبي، وحضّت قادة البلاد على الانخراط في العملية السياسية لإنهاء حالة «الجمود السياسي» التي تسيطر على ليبيا.
وتشهد العاصمة طرابلس هذه الأيام تسارعاً ملحوظاً لنشاط عدد من البعثات الدبلوماسية في ليبيا، بهدف حلحلة الأوضاع المستعصية، ومنح الأزمة «جرعة دعم دولي»، خصوصاً بعد فشل إجراء انتخابات رئاسية ونيابية العام الماضي.
في هذا السياق، التقى نائبا المجلس الرئاسي الليبي، موسى الكوني، وعبد الله اللافي، في لقاءين منفصلين بسفيري المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لدى ليبيا؛ مارتن لونغدن، ونيكولا أورلاندو، لمناقشة مستجدات العملية السياسية.
واستقبل الكوني سفير المملكة المتحدة، اليوم (الخميس)، الذي أكد، بحسب بيان الرئاسي، «استمرار دعم حكومة بلاده لجهود المجلس الرئاسي، التي تهدف لتحقيق الاستقرار في ليبيا خلال مناقشة آخر مستجدات الأوضاع على مختلف الأصعدة، والعمل مع المجلس الرئاسي لإنهاء حالة الانسداد السياسي».
وشدد على «ضرورة التعاون مع المجتمع الدولي لحلحلة الملف الليبي، من أجل المحافظة على وحدة ليبيا لضمان استقرارها».
بينما لفت الكوني إلى «دور المجتمع الدولي في تحقيق تطلعات الشعب الليبي بإنهاء المراحل الانتقالية، وإجراء انتخابات نزيهة، ترضى بنتائجها كل الأطراف، وتفضي لانتخاب رئيس يقود البلاد إلى بر الأمان».
ودعا إلى ضرورة دعم ليبيا «في تأمين حدودها الجنوبية، ومنحها الإمكانات اللوجستية التي تؤهل حرس الحدود للقيام بالمهام الموكلة لهم».
بدوره، قال اللافي خلال لقائه رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا إنه بحث تطورات العملية السياسية في بلده، وتعزيز التعاون المشترك، مع الاتحاد الأوروبي. كما ناقش اللقاء، وفقاً للمجلس الرئاسي، اليوم (الخميس)، سبل معالجة الانسداد السياسي، من خلال آلية مشتركة، تضم الأطراف السياسية كافة، بهدف تحقيق تطلعات الليبيين في انتخابات ديمقراطية يشارك ويقبل بنتائجها الجميع.
ونقل المكتب الإعلامي للمجلس إشادة اللافي بدور الاتحاد الأوروبي «الداعم لإيجاد حل للأزمة السياسية في ليبيا»، مؤكداً أن مشروع المصالحة الوطنية هو «الخيار الأمثل لإعادة السلام والاستقرار، وهو تلبية لتطلعات الليبيين بالوصول إلى الاستحقاقات الانتخابية». فيما أشاد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي بالخطوات التي قطعها المجلس الرئاسي في ملف المصالحة الوطنية، وجمع كل الأطراف السياسية تحت راية المصالحة، معرباً عن دعم الاتحاد لجهود المجلس في إنجاح هذا المشروع من أجل أمن واستقرار ليبيا.
تشرفت بلقاء فخامة نائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي في طرابلس. استعرضنا فيها شراكة #الاتحاد_الأوروبي و#ليبيا والعملية السياسية بقيادة الأمم المتحدة.أعربت عن تقديري ودعمي لعملية المصالحة الوطنية الجارية استعدادًا إلى المؤتمر الوطني المرتقب. pic.twitter.com/oXP63JNTcC
— Nicola Orlando (@nicolaorlando) January 18, 2024
وكتب أورلاندو، عبر حسابه على «إكس»: «اتفقنا على ضرورة أن تضع الأطراف الفاعلة الرئيسية مصالحها الذاتية جانباً، وتعمل معاً لتحقيق الوحدة والاستقرار الدائم في ليبيا. كما دعونا الشركاء الدوليين والإقليميين إلى السماح لحلّ ليبي بالظهور لإنهاء الجمود الحالي».
من جانبه، قال مبعوث الولايات المتحدة إلى ليبيا ريتشارد نورلاند: «تابعت باهتمام الاجتماع التحضيري للمؤتمر الوطني للمصالحة المقرر عقده في ربيع هذا العام».
المبعوث الخاص السفير نورلاند: “لقد تابعت باهتمام الاجتماع التحضيري للمؤتمر الوطني للمصالحة المقرر عقده في ربيع هذا العام. وكما شاركنا مع النائب بالمجلس الرئاسي الليبي اللافي و وزير خارجية الكونغو غاكوسو، فإن الولايات المتحدة تتطلع إلى العمل مع المجلس الرئاسي والاتحاد الأفريقي… pic.twitter.com/wxikK4t6Ys
— U.S. Embassy – Libya (@USEmbassyLibya) January 17, 2024
وأوضح نورلاند أن الولايات المتحدة «تتطلع إلى العمل مع المجلس الرئاسي والاتحاد الأفريقي لدعم هذا الجانب الحيوي من العملية السياسية، واعتبار أن تحقيق المصالحة على الصعيدين الوطني والمحلي ضروري لوضع الأسس اللازمة لتحقيق السلام المستدام في ليبيا».
في غضون ذلك، بحث عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج، الدكتور محمد سالم، سبل التعاون بين البلدين في المجالات كافة، وخلق فرص للصنّاع الليبيين والقطاع الخاص لتقديم نشاطه في موريتانيا، وأشاد الدبيبة بجهود موريتانيا في توحيد الجهود السياسية في دول المغرب العربي «لتكون رؤيتها واحدة تجاه القضايا كافة». فيما أكد سالم عودة سفارة بلده للعمل من العاصمة طرابلس.
في شأن مختلف، قال مصرف ليبيا المركزي إن رئيسه الصديق الكبير بحث مع كنعان يلماز، سفير تركيا لدى ليبيا، التعاون بين البلدين في المجال المصرفي والمالي، ودعم «المركزي» في حلحلة الاختناقات الناتجة عن توقف المشاريع خلال السنوات الماضية، كما تناولا «استعداد الشركات التركية لاستئناف تنفيذ مشاريعها في مختلف مناطق ليبيا، والمشاركة في إعادة إعمار درنة والمناطق المتضررة من الإعصار (دانيال)».
وبخصوص جهود المصالحة، أكدت الفعاليات الاجتماعية والشبابية ومؤسسات المجتمع المدني في الجنوب الليبي على موقفها الثابت من ملف المصالحة وضرورة تحقيقها وفق المعايير الوطنية.
وكانت هذه الفعاليات قد أصدرت بياناً دعت فيه إلى الإفراج الفوري عن الأسرى السياسيين، وعلى رأسهم اللواء عبد الله السنوسي، صهر الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، ومدير الاستخبارات العسكرية السابق، بالإضافة إلى اللواء منصور ضو، القائد السابق للحرس الشعبي، وهانيبال نجل القذافي المسجون في لبنان.