المحافظون يراهنون على التخفيضات الضريبية لتحسين حظوظهم في الانتخابات
يسعى وزير الخزانة جيريمي هانت، إلى استعادة زمام المبادرة السياسية من خلال الإعلان عن تخفيضات ضريبية يوم الأربعاء، خلال بيان الموازنة السنوية، في الفترة التي تسبق الانتخابات العامة في المملكة المتحدة، والتي تُظهر استطلاعات الرأي أن حزب المحافظين الحاكم سيخسرها.
ومع وصول الاقتصاد البريطاني إلى تعريف واحد للركود وتمدد الموارد المالية العامة، فلن يكون أمامه مجال كبير لتخفيضات ضريبية كبيرة -ما لم يبدأ فترة أخرى من التقشف للخدمات العامة المتعطشة بالفعل إلى السيولة، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».
وفي التعليقات التي أصدرتها وزارة الخزانة قبل تقديم موازنته، من المقرر أن يخبر هانت البرلمان أن الاقتصاد البريطاني صمد أمام جائحة فيروس كورونا والارتفاع الحاد في أسعار الطاقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي أدى إلى ارتفاع التضخم ودفع بنك إنجلترا إلى اتخاذ قرار رفع أسعار الفائدة بقوة.
ويعتزم القول: «بالطبع، ستظل أسعار الفائدة مرتفعة بينما نعمل على خفض التضخم. ولكن بسبب التقدم الذي أحرزناه، ولأننا نحقق الأولويات الاقتصادية لرئيس الوزراء، يمكننا الآن مساعدة الأسر من خلال التخفيضات الضريبية الدائمة».
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يعلن هانت، الذي التقى الملك تشارلز الثالث في قصر باكنغهام، يوم الثلاثاء، قبل الموازنة، خفض مساهمات الضمان الاجتماعي -الضريبة التي يدفعها 27 مليون موظف- بنقطتين مئويتين إلى 8 في المائة، مما يضع في المتوسط 900 جنيه إسترليني (1145 دولاراً) سنوياً في جيوب العمال. وإذا تحقق ذلك، فسوف يُتبَع قراره بخفض أسعار الفائدة بنفس المقدار في نوفمبر (تشرين الثاني).
ومن المتوقَّع أيضاً أن يعلن تمديداً آخر لتجميد رسوم الوقود. لكن تكلفة هذين الإجراءين الجديدين، البالغة 15 مليار جنيه إسترليني، ستكون أكثر من «الإتاحة المالية» البالغة 13 مليار جنيه إسترليني التي قالت صحيفة «التايمز» إنها كانت متاحة لهانت.
ولزيادة المبالغ التي يريدها هانت، من المتوقع أن يمدد لمدة عام ضريبة غير متوقعة على أرباح شركات الطاقة، وربما يشدد القواعد على الأشخاص «غير المقيمين» الذين يعيشون في بريطانيا على دخلهم في الخارج (والذي يسمح لبعض الأفراد الأثرياء بتجنب دفع الضرائب في المملكة المتحدة)، وهما الإجراءان اللذان اقترحهما حزب العمال المعارض.
وقالت وسائل الإعلام إنه يخطط أيضاً لفرض ضريبة جديدة على السجائر الإلكترونية.
ويمكن أن تساعد الوعود بتخفيضات الإنفاق المستقبلية أيضاً على دفع تكاليف التخفيضات الضريبية الآن، لكنَّ المحللين، حتى رئيس هيئة مراقبة الموازنة الحكومية، انتقدوا الافتقار إلى التفاصيل حول المكان الذي يمكن أن يخفض فيه الخدمات العامة المنهكة بالفعل، وفق «رويترز».
ومهما حدث، فليس من المؤكد على الإطلاق أن أي شيء سيغيِّر السرد السياسي. ذلك أن التخفيضات الضريبية التي أُعلن عنها في نوفمبر لم تفعل شيئاً لإنعاش شعبية حزب المحافظين -إذ أظهرت استطلاعات الرأي تلو الأخرى أن المحافظين، الذين يتولون السلطة منذ عام 2010 يتجهون نحو واحدة من كبرى هزائمهم أمام حزب العمال المعارض الرئيسي.
وقد أعلنت عدة مدن وبلدات إفلاسها فعلياً، ووصل عدد القضايا المتراكمة في المحاكم إلى مستوى قياسي في أغسطس (آب) الماضي، ووجد مركز أبحاث، العام الماضي، أن الأداء في ثمانٍ من أصل تسع خدمات عامة رئيسية قد انخفض منذ عام 2010.
وقالت وزيرة المالية المحتملة في حزب العمال، راشيل ريفز: «يجب أن تكون هذه الموازنة الفصل الأخير من 14 عاماً من الفشل الاقتصادي في ظل حكم المحافظين الذي جعل بريطانيا في وضع أسوأ. إن البلاد بحاجة إلى التغيير، وليس إلى موازنة فاشلة أخرى أو خطر خمس سنوات أخرى من فوضى المحافظين».
وسيسعى هانت إلى تبرير خفضه الضريبي بالقول إنه سيساعد على تسريع وتيرة الاقتصاد البريطاني البطيء.
ومن المؤكد أنه يأمل أن تتغير الأمور قريباً عندما يفكر في موعد الدعوة للانتخابات، التي يجب إجراؤها بحلول يناير (كانون الثاني) 2025.
وكان قد أشار في وقت سابق إلى احتمال إجراء الانتخابات في النصف الثاني من العام الجاري. ومع ذلك، لم يستبعد سوناك حدوث ذلك هذا الربيع، ويمكن أن تكون موازنة خفض الضرائب يوم الأربعاء، بمثابة نقطة انطلاق لذلك.
واستعاد سوناك وهانت قدراً من الاستقرار الاقتصادي بعد رئاسة الوزراء القصيرة الأمد لليز تروس، التي تعثرت بعد سلسلة من التخفيضات الضريبية غير الممولة التي هزت الأسواق المالية وأدت إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض.
لكنّ الأسر في المملكة المتحدة تكافح من خلال أسوأ أزمة تكلفة المعيشة منذ عقود. ويُحذّر الاقتصاديون من أن العبء الضريبي سيظل بالقرب من مستويات قياسية بغضّ النظر عمّا تقدمه الموازنة، مع استرداد الحكومة مئات المليارات من الجنيهات التي أنفقتها خلال الوباء وصدمة أسعار الطاقة.
ويشعر الكثير من المشرعين المحافظين بالغضب من أن العبء الضريبي في بريطانيا في طريقه لأن يصل إلى أعلى مستوياته منذ الحرب العالمية الثانية، مما يسهم في أول انكماش بعد الحرب في مستويات المعيشة بين الانتخابات.
لكنَّ صندوق النقد الدولي نصح بريطانيا في يناير بعدم خفض الضرائب بسبب ارتفاع مستويات الدين العام والطلب المتصاعد على الخدمات.
ويقول كثير من المحللين إن أي تخفيضات ضريبية الآن سوف تتضاءل بالمقارنة مع تأثير عدم رفع المحافظين الحدود الضريبية بما يتماشى مع التضخم المتفشي. كما يتوقعون مزيداً من الزيادات الضريبية بعد الانتخابات المقبلة مع استمرار نمو الطلب على الخدمات العامة والاستثمار.
وقال كبير الاقتصاديين في مؤسسة «ريزوليوشن فاونديشن»، آدم كورليت: «هناك أسئلة كثيرة حول الحاجة إلى تخفيضات ضريبية هذا العام، بالنظر إلى توقعات الإنفاق العام والحاجة إلى خفض ديوننا الوطنية».
وأضاف: «ولكن على الرغم من أن هذا سيكون عاماً انتخابياً للتخفيضات الضريبية، فإنه يقع بين زيادات ضريبية كبيرة في الماضي والمستقبل، ومن المرجح أن تضيف الموازنة فقط إلى عدد الزيادات الضريبية القادمة بعد الانتخابات».