أكد المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية – إقليم شرق المتوسط»، أحمد المنظري، أن تدهور الوضع الأمني في ولاية الجزيرة أجبر المنظمة على تعليق عملها، وحذر من أن الأوضاع الصحية في السودان تزداد سوءاً، في ظل الصراع بين قوات «الدعم السريع» والجيش السوداني، وأن السودان «منسي في خريطة الصراعات العالمية».
وأضاف المنظري في تصريحات لـ«وكالة أنباء العالم العربي» أنه مع بداية القتال بين «الدعم السريع» والجيش قبل 9 أشهر، خصوصاً في الخرطوم وبعض مناطق دارفور، استخدمت «منظمة الصحة العالمية» ولاية الجزيرة، وتحديداً مدينة ود مدني، مركزاً لوجيستياً، تبعتها في ذلك منظمات أممية أخرى.
وأردف أن ولاية الجزيرة كانت ملجأ لما يقارب 500 ألف مواطن، 46 في المائة منهم من النازحين من مناطق أخرى، وتُعدّ ولاية الجزيرة السلة الغذائية لكل السودان.
لكن بعد الخامس عشر من ديسمبر (كانون الأول) وسيطرة «الدعم السريع» على عدة مناطق بولاية الجزيرة، قال المنظري، اليوم الجمعة، إن الأمن غاب عن الولاية وانتشرت الفوضى، مما هدد المؤسسات الصحية والعاملين بالرعاية الصحية والمنظمات الدولية.
وتابع قائلاً: «بعد هجوم (قوات الدعم السريع) على ولاية الجزيرة، وتمكُّنها من السيطرة على عدد من المناطق، نزح عدد كبير من المواطنين، وللأسف، بعد اشتداد الصراع أصبحت منطقة خطرة».
وأشار إلى أن «جميع عمليات المنظمات الأممية أُوقفت منذ 15 ديسمبر (كانون الأول)، ولم يدخل أو يخرج أحد من الفرق المعنية أو المتخصصة من المنظمات الأممية».
وقال المنظري: «مع اشتداد الصراع في الجزيرة، أصبح الأمر خطيراً جداً على العاملين في المجال الصحي؛ سواء على العاملين من وزارة الصحة أو من المنظمات الدولية، فقررت (منظمة الصحة العالمية) وقف عملياتها حفاظاً على حياة العاملين».
وأكد المدير الإقليمي لشرق المتوسط بـ«منظمة الصحة العالمية» أن توقف عمليات المنظمة في الولاية يزيد من صعوبة الأوضاع الصحية المتردية بسبب الحرب في البلاد.
لكنه أشار إلى وجود فرق منتشرة في كل أنحاء السودان، وتتحرك بناء على تقييم أمني على الأرض.
وأكد المنظري أن «عمليات (منظمة الصحة العالمية) لا تعتمد فقط على تقديم الخدمات الصحية، وإنما يتم التعاون مع العاملين في النظام الصحي والسلطات الصحية المحلية لدعم هذه الفرق، وأكثر عملياتنا تتركز على تمويل الخدمات اللوجيستية والمستلزمات الطبية والأدوية».
وحذَّر المنظري من تأثير الأوضاع الأمنية على النظام الصحي وتقديم الخدمات، وقال: «نظراً للوضع الحالي، فإن تطور الصراع يعني نزوح مئات الآلاف، وتهديد صحة الملايين».
وأضاف أن هناك ما يقرب من 3.5 مليون طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية… أكثر من 700 ألف منهم يعانون من سوء التغذية الحاد، وتقريباً 106 آلاف طفل منهم بحاجة إلى الرعاية لأنهم يعانون من آثار جانبية بسبب سوء التغذية».
كما أكد المنظري تفشي الأمراض المعدية بين السودانيين، مثل الكوليرا التي أصابت الآلاف وتسببت في مئات الوفيات، كما أن هناك ما يقرب من مليون و100 ألف إصابة بالملاريا، كما تنتشر أمراض الحمى النزفية والحصبة وغيرها بين المواطنين، فضلاً عن أمراض أخرى تتوطن الآن في البلاد.
وحذر المنظري من ازدياد الوضع سوءاً مع بدء موسم الأمطار في السودان.
وأكد المسؤول بـ«منظمة الصحة العالمية» أنه بسبب هشاشة النظام الأمني توقفت الخدمات، وتوقفت مختبرات التشخيص وفرق التقصي، مما أدى إلى انتشار الأمراض وتهديد العديد من المواطنين بمختلف الأمراض.
وأشار المنظري إلى أن هناك ما يقرب من 7.5 مليون نازح في السودان، منهم نحو 6 ملايين داخل السودان، ومليون ونصف المليون خارج السودان، يعانون من أوضاع صحية صعبة للغاية.
وعن الجدول الزمني لعودة المنظمة الأممية للعمل في ولاية الجزيرة، قال المنظري: «الأمر يعتمد على تقييمنا للوضع الأمني على الأرض؛ إذ يتم التقييم على مستوى الأمم المتحدة بالكامل، وليس (منظمة الصحة العالمية) وحدها، لكن يبدو جلياً أن هناك انتشاراً لدائرة الصراع، ومن ثم لا نستطيع العمل تحت النار».
وكان قائد «قوات الدعم السريع» أصدر في التاسع عشر من ديسمبر (كانون الأول)، بياناً أعلن فيه السيطرة على ود مدني، أكبر مدن ولاية الجزيرة السودانية.
واندلع القتال بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، بعد توتر على مدى أسابيع بسبب خلافات حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش، في الوقت الذي كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع فيه اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دولياً.