الرياح العاتية في فيكتوريا الأسترالية تقطع الكهرباء وتشعل حرائق


بوتين: الغرب يدرك استحالة هزيمة روسيا وعلى واشنطن «إصلاح الخطأ»

وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسائل واضحة إلى الغرب، حول نيته مواصلة العمليات العسكرية في أوكرانيا حتى تحقيق كل أهدافه. لكنه في الوقت ذاته، أعرب عن استعداده لحوار مع الغرب، وقال إن على واشنطن أن تصلح خطأ تقويض الحل السلمي للوضع حول أوكرانيا. ودعا في مقابلة هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الحرب مع صحافي أميركي إلى تبني خيار الإقرار بسيطرة بلاده على أجزاء من أوكرانيا ووقف تسليحها. مشدداً على أن روسيا لن تهاجم بلداناً أخرى في أوروبا.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مقابلة أجراها معه المذيع التلفزيوني الأميركي تاكر كارلسون في موسكو بروسيا في 6 فبراير 2024 (رويترز)

وقدم بوتين في أول إطلالة على الصحافة الغربية منذ اندلاع الحرب سرداً موسعاً لتاريخ المطالبات الروسية في أوكرانيا. وكرر خلال مقابلة مطولة أجراها معه الصحافي الأميركي المعروف تاكر كارلسون روايته حول أن هذا البلد كان جزءاً من الإمبراطورية الروسية، ولم يحصل في أي وقت في التاريخ على استقلال كامل. ووصف أوكرانيا بأنها «دولة مصطنعة أنشأتها إرادة (الزعيم السوفياتي) جوزيف ستالين في عام 1922». وعاد إلى تاريخ إنشاء الدولة الروسية في عام 862، ليثب أن أوكرانيا لم تكن موجودة إلا كمناطق صراع بين روسيا وبلدان أوروبية.

وقال بوتين إن تلك ليست استنتاجات، وإنما حقائق مؤكدة بالوثائق التي سيقدمها لكارلسون.

تاكر كارلسون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)

وبعد سرد تاريخي موسع قال بوتين إن «منظّري استقلال أوكرانيا ظهروا في القرن التاسع عشر، وتحدثوا عن الحاجة إلى استقلال أوكرانيا. لكن كل ركائز استقلال أوكرانيا كانت تستند إلى علاقات جيدة جداً مع روسيا، وقد أصرّ هؤلاء على ذلك».

وتابع بوتين «أثناء تشكيل الاتحاد السوفياتي، عام 1922، بدأ البلاشفة في تشكيل اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية وأنشأوا جمهورية أوكرانيا السوفياتية التي لم تكن موجودة على الإطلاق»، في الوقت نفسه، وفقاً لبوتين، أصرّ ستالين على ضرورة إدراج هذه الجمهوريات التي كانت في طور التشكيل ككيانات مستقلة، ولكن لسبب ما، أصرّ مؤسس الدولة السوفياتية، فلاديمير لينين، على أن لها الحق في الانفصال عن الاتحاد السوفياتي. ولأسباب غير معروفة أيضاً، مُنحت أوكرانيا السوفياتية الناشئة أراض، وعليها سكان، لم يطلق عليهم من قبل اسم أوكرانيا». واللافت، أن بوتين خلال شرحه تعمد تكرار عبارة أن أوكرانيا لم تكن لها إطلالة على البحر الأسود قبل أن يتم ضم أراضٍ جديدة بقرارات من الزعماء السوفيات. وفي هذه المقولة تأكيد على أن كل مناطق الجنوب التي ضمتها روسيا ومنطقة أوديسا في أقصى الغرب يجب أن تكون تحت السيطرة الروسية.

بوتين مع ميركل وماكرون في مناسبة سابقة (رويترز)

وحول آفاق التسوية، قال بوتين إن بلاده تريد التوصل إلى تسوية عبر المفاوضات، معرباً عن ثقته في أن البلدين سوف يتمكنان من ذلك.

وزاد «سيكون الأمر مضحكاً لو لم يكن حزيناً للغاية… التعبئة التي لا نهاية لها في أوكرانيا، والهستيريا، والمشكلات الداخلية، كل هذا… عاجلاً أم آجلاً سوف نتوصل إلى اتفاق على أي حال… هل تعلم؟، قد يبدو الأمر غريباً في الوضع الحالي: ستتم استعادة العلاقات بين الشعوب، سوف يستغرق الأمر الكثير من الوقت، لكن ستتم استعادتها».

وأشار بوتين إلى أن «كييف هي التي تخلت عن عملية التفاوض مع روسيا في خريف عام 2022، كما قررت رفض المفاوضات مع روسيا بناءً على تعليمات من واشنطن»، وشدد على مسؤولية واشنطن عن ذلك التطور، وقال «الآن على الولايات المتحدة تصحيح هذا الخطأ».

وأوضح الرئيس الروسي أن «روسيا عرضت مراراً وتكراراً البحث عن حل سلمي للمشكلات في أوكرانيا بعد عام 2014، لكن لم يستمع إلينا أحد». وأضاف «لقد بدأ الغرب يدرك استحالة هزيمة روسيا الاستراتيجية؛ لذلك عليه أن يفكر فيما يجب فعله بعد ذلك، ونحن مستعدون للحوار».

وفيما بدا أنه دعوة للغرب للإقرار بالواقع الميداني الجديد في المناطق التي سيطرت عليها روسيا قال بوتين إن «(الناتو) قادر على الاعتراف بشكل كاف بسيطرة روسيا على مناطق جديدة، وهناك خيارات إذا توافرت لديه الإرادة». وزاد «لقد قلت: دعوهم يفكروا كيف يمكن أن يفعلوا ذلك بكرامة. وهناك خيارات إذا كانت لديهم الرغبة».

وقال بوتين «أبلغت (الرئيس الأميركي جو) بايدن في محادثتي الأخيرة معه أنه يرتكب خطأً فادحاً بدعم أوكرانيا وإبعاد روسيا».

وفي إشارة لافتة أخرى، تعمد بوتين تذكير الغرب بأن الخطر الأساسي عليه سيكون من الصين وليس من روسيا. وقال: «الغرب يخشى من الصين قوية أكثر مما يخشى من روسيا قوية، والأميركيون تعهدوا عدم توسع (الناتو) شرقاً، لكن التوسع حدث 5 مرات».

الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين خلال حفل افتتاح منتدى «مبادرة الحزام والطريق» في بكين (أ.ف.ب)

وأوضح بوتين «اقترحنا انضمام روسيا إلى (الناتو) بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لكنهم رفضوا، وعندما رفض (الناتو) انضمامنا إليه كانوا يخشون روسيا كدولة كبيرة وقوية».

وحول آفاق الحرب الأوكرانية، تعهد بوتين مواصلة القتال حتى تحقيق كل الأهداف. وقال إن بلاده «لم تحقق حتى الآن أهداف عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا؛ وذلك لأن أحد هذه الأهداف يتلخص في اجتثاث النازية؛ وهو ما يعني ضمناً منع حركات النازيين الجدد هناك».

وزاد أن المقصود هنا، هو ضرورة «حظر الحركات النازية الجديدة كافة. وكانت هذه من بين المشكلات التي ناقشناها خلال عملية التفاوض التي انتهت في إسطنبول بداية العام الماضي، ولم نكن نحن الطرف المبادر في إنهاء تلك المفاوضات». وأشار الرئيس بوتين إلى أن، الأوروبيين قالوا لروسيا في تلك الفترة إنه «من الضروري تهيئة الظروف للتوقيع النهائي على الوثائق».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع القائد الجديد لقواته (أ.ب)

وتابع «لقد قال لي الزملاء في فرنسا وألمانيا: كيف تتخيلهم يوقّعون على المعاهدة، والمسدس مصوب إلى رؤوسهم؟ يجب سحب القوات من كييف. فقلت لهم: جيد. حسناً لقد سحبنا القوات من كييف».

وزاد أنه «بمجرد سحب قواتنا من كييف، رمى المفاوضون الأوكرانيون على الفور بجميع الاتفاقات التي تم التوصل إليها في إسطنبول في سلة المهملات، واستعدوا لمواجهة مسلحة طويلة بمساعدة الولايات المتحدة وأتباعها في أوروبا. هكذا تطور الوضع، وهذه هي الحالة التي تبدو فيها الأمور في الوقت الراهن».

وفي مقابل تأكيده على صواب موقف روسيا، وجّه بوتين رسائل تطمين إلى الغرب، بأنه لا ينوي مهاجمة أي بلد آخر في أوروبا. وهو موضوع يشغل حيزاً من النقاشات السياسية في أوروبا، ويوفر ذريعة لمواصلة تسليح أوكرانيا. وأكد الرئيس الروسي أن بلاده «لن ترسل قواتها المسلحة إلى بولندا أو لاتفيا أو أي بلد آخر»، وزاد أن هذا سيكون ممكناً فقط في حال تعرضت بلاده لهجوم. وزاد أن روسيا يمكن أن تهاجم «في حال واحدة فقط: إذا تعرّضت لهجوم من قِبل بولندا».

وأوضح موقفه بتأكيد أنه «لا توجد لدينا أي مصالح في بولندا ولا في لاتفيا أو في أي مكان آخر. ماذا نعمل بها؟ لا توجد لدينا أي مصالح. هناك تهديدات فقط».

بوتين مع المتحدث الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف (أ.ب)

وفي سياق متصل، علق قائد الجيش الجديد لأوكرانيا على أولوياته، بعد يوم من أكبر تغيير عسكري في كييف، منذ بدء الحرب مع روسيا، مشدداً على الحاجة إلى تحسين التخطيط وتبني تقدم تكنولوجي وإتقان الاستخدام العسكري للطائرات المسيّرة. ووضع قائد الجيش، أولكسندر سيرسكي، الذي اختاره الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي بعد إقالة القائد صاحب الشعبية فاليري زالوجني، الخطوط العريضة، في منشور على تطبيق «تلغرام»، الجمعة، حسب وكالة «بلومبرغ» للأنباء. ومن المتوقع أن يعلن عن طاقمه الجديد في الأيام المقبلة.وقال سيرسكي، في أول تصريحات له، منذ تعيينه إن «طرح الحلول التقنية الجديدة وتوسيع نطاق التجارب الناجحة، بما في ذلك الطائرات المسيّرة والتكنولوجيا اللاسلكية الإلكترونية، هو واحد من العوامل المستقبلية لتحقيق النصر في حرب التحرير التي نخوضها».

ويأتي التغيير العسكري الذي أجراه زيلينسكي، في لحظة حساسة، بعد أن فشل الجيش الأوكراني، في هجوم مضاد، لردع قوة الغزو الروسية العام الماضي.

قال الكرملين الجمعة إنه يعتقد أن تغيير القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية لن يؤثر على نتيجة ما تسميه روسيا «العملية العسكرية الخاصة» في أوكرانيا.

/////////////////////////////////////////

كادر:

– شوهدت المقابلة أكثر من 60 مليون مرة وتم بث المقطع على الموقع الإلكتروني لقناة التلفزيون الرسمي.

– طبقاً لصحيفة «ازفيستيا» الموالية للكرملين فقد حاز المقطع أكثر من 475 ألف إعجاب

بوتين:

– إن روسيا وأوكرانيا ستتوصلان إلى اتفاق عاجلاً أم آجلاً

– الغرب يدرك استحالة هزيمة بلاده الاستراتيجية، وعليه أن يفكر فيما يجب فعله بعد ذلك، «ونحن مستعدون للحوار».

– غزو عضوتَي «الناتو» بولندا ولاتفيا «غير وارد على الإطلاق»، باستثناء حالة واحدة، إذا هاجمت بولندا روسيا.

– إن ظهور عالم «متعدد الأقطاب»، من أجل المزيد من التعاون والمسؤولية المشتركة أمر لا مفر منه.

– أوكرانيا «دولة مصطنعة تم إنشاؤها بناءً على رغبة ستالين ولم تكن موجودة قبل عام 1922».

– الغرب يخشى من الصين قوية أكثر مما يخشى من روسيا قوية، والأميركيون تعهدوا عدم توسع «الناتو» شرقاً، لكن التوسع حدث 5 مرات.



المصدر


اكتشاف المزيد من صحيفة دي إي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

صالح علي

كاتب ومحرر صحفي

ضربات متبادلة على مواقع حساسة وخبير غربي يتوقع توسيع الهجوم الروسي في أوكرانيا

المفاوضون الدوليون يمددون محادثات وقف إطلاق النار في غزة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *