الإنتاج خطفني من الإخراج… وحانت العودة


رغم نجاح فيلمه الروائي الطويل الأول «ستموت في العشرين»، والذي حاز جائزة «أسد المستقبل» في «مهرجان فينسيا» ضمن عرضه العالمي الأول عام 2019، بالإضافة إلى فوزه بـ25 جائزة أخرى في مهرجانات كبرى، لم يباشر المخرج السوداني أمجد أبو العلا بتنفيذ فيلمه الثاني بعد مرور 4 سنوات على عرض الأول.

يشغله الإنتاج ويدفعه إلى تشجيع مخرجين جدد في تجاربهم الأولى، ليس من السودان فحسب، بل من اليمن ومصر أيضاً. أبو العلا الذي يعدّه كثيرون «الأب الروحي» للسينمائيين الشباب في السودان، يؤكد في حواره مع «الشرق الأوسط» أنه بصدد تصوير فيلم ومسلسل، وأن 4 سنوات بعيدة عن الإخراج كافية جداً.

وهو ظهر ليلة العرض الخاص لفيلم «وداعاً جوليا» في مصر، بحالة سعادة ممزوجة بالألم، مثل فرحة لم تكتمل، كأنّ كل الأشياء تظلّ منقوصة.

يكشف المخرج السوداني أنه كانت لديه خطة لعرض «وداعاً جوليا» في الخرطوم: «اتفقنا مع موزّع سينمائي على ذلك بعد إنشاء 5 دور عرض وتأهيلها تزامناً مع الصحوة السينمائية، لكن الحرب قضت على الفكرة وعلى انتعاشة عاشتها السينما السودانية في السنوات الأخيرة»، لكنه، في آن، سعيد لعرض الفيلم في 12 صالة بالقاهرة، فيلفت إلى أنّ الجمهور المستهدف في السودان هو في معظمه موجود بمصر، فكان الحرص على دعوته للمشاهدة، وسط أمنيته بأنْ يشاهد الجمهور العربي بكل فئاته العمل؛ فهو «جيد ومختلف»، وفق تعبيره.

يفسّر أبو العلا حماسته للفيلم: «شهدتُ على ولادته وهو مجرّد فكرة. فكَّر المخرج محمد كردفاني في الاستعانة بكاتب للسيناريو، فأجبته بأنْ لا أحد سيكتبه مثله. هذه حكايته وهو الأقدر على تدوينها، وخضنا ورشاً عدّة لتطويره، بعدما استقال من عمله مهندساً للطيران للتفرُّغ للسينما التي يحبها».

مع فريق عمل فيلم «وداعاً جوليا» خلال عرضه الافتتاحي في «مهرجان كان» (الشرق الأوسط)

يضيف: «كنت منتجاً وصديقاً في كل مراحل الفيلم، فالإنتاج ليس أموالاً فقط، ولستُ منتجاً يملك ودائع في المصارف يشاء استثمارها. كنتُ موجوداً في أول أيام التصوير وآخرها، إلى بعض الأيام الأخرى في منتصفه، فـ(اللوكيشن) هو مملكة المخرج».

يتطلّع لعرضه في الخليج وتونس والمغرب والسودان، إلى فرنسا، حيث سيُعرض في 150 سينما بدءاً من نوفمبر (تشرين الثاني). ويؤكد أنّ «الإنتاج المشترك يفتح أسواقاً جديدة للفيلم، لشعور صنّاعه بأن هناك ما يخصّهم؛ لذا دعموه بـ10 في المائة من ميزانيته، ففرنسا سوق مهمّة في أوروبا».

وعن تأخّر فيلمه الثاني، يوضح: «لم تُساعد الظروف، رغم أنّ منتجين من مصر ولبنان وفرنسا وألمانيا وأميركا تواصلوا معي، وأجبتهم بأنني لن أبدأ بشيء إلا بعد انتهاء تصوير (وداعاً جوليا). الآن أصبحت جاهزاً، وحصلت على حقوق رواية، وكتبت سيناريو للفيلم الجديد، وأستعدّ لفيلم مصري ومسلسل درامي».

وكان أمجد أبو العلا استقرّ في مصر قبل 3 سنوات بعد الجائحة؛ إذ لم يتمكن من السفر لتوقّف حركة الطيران. يقول: «سعيد بإقامتي بين أصدقائي السينمائيين المصريين. نصفي مصري؛ فجدّي لأمي من قنا».

لقطة من فيلم «وداعاً جوليا» (الشرق الأوسط)

شهد تصوير الفيلم ظروفاً صعبة في السودان وفق أبو العلا: «نعمل وسط هذه الظروف منذ (ستموت في العشرين)، الذي اندلعت الثورة ونحن نصوّره. لم يعرف السودان الهدوء في أي وقت، وحين أنهينا التصوير، تنفّسنا بعمق، وأعلنّا عن مشاركة الفيلم في مهرجان (كان). بعد يومين، اندلعت الحرب مجدداً».

يعلق على الصراع الجاري: «أسمّي ما حدث منذ 15 أبريل (نيسان) الماضي لبيوتنا التي هُجِّرنا منها (نكبة الخرطوم)؛ إذ احتلّها خليط بين سودانيين وميليشيات تضمّ أفارقة من دول مختلفة. طردوا أهلي وباتت أوراقي وجوائزي في أيدي غرباء، واحتلوا أيضاً بيت كردفاني في الخرطوم وبيوت فريق العمل. صرنا جميعاً نازحين».



المصدر

صالح علي

كاتب ومحرر صحفي

مكاسب إضراب UAW يمكن أن يتردد صداها إلى ما هو أبعد من السيارات

الرئيس الموريتاني يدافع عن حصيلته قبل أشهر على الانتخابات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *