«مؤتمر الناشرين» لم يعالج ارتفاع أسعار الكتب والناشرون يراهنون على «شغف القراءة»
بينما يشتكي زوار «معرض الرياض الدولي للكتاب» من ارتفاع أسعار الكتب، عاماً بعد عام؛ لم يعالج المشاركون في «مؤتمر الناشرين الدولي» هذا الهمّ الذي يرزح تحته الجمهور الثقافي، وعدوا أن «حرفة بيع الكتب تحتاج إلى روح»، وأكد بعض المتحدثين أن الناشرين يراهنون على ما سماه «شغف القراءة، والوازع لاقتنائها» من قبل الجمهور.
ويشتكي الزوار في «معرض الرياض» كما في غيره من معارض الكتب من المبالغة في أسعار مبيعات الكتب، مقارنة بسعر البيع في البلاد المصدرة لهذه الكتب رغم التسهيلات التي يتلقاها الناشرون من إدارات المعارض في الخليج، ويقول مثقفون إن الناشرين يعدون الكتاب «بضاعة رابحة»، معتمدين على القوة الشرائية للجمهور المستهدف.
ولم يخف ناشرون شاركوا في «مؤتمر الناشرين» الذي أنهى أعماله أول من أمس، أن المعارض صناعة تعتمد على الجمهور الذي تغص به قاعات وأجنحة المعرض، وقال أحدهم إن «المعارض صناعة جماهيرية».
ويوفر ارتفاع الأسعار فرصة ذهبية لنمو سوق النشر الإلكتروني، حيث حفل «معرض الرياض» بكثير من دور النشر الرقمية، ومبادرات تحويل المحتوى الثقافي إلى النشر الإلكتروني.
الأهم في «مؤتمر الناشرين» بحث حلول ابتكارية لتطوير البرمجيات التي تدعم وصول القراء من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتطوير صناعة النشر باعتماد أعلى معايير الجودة وأفضل الممارسات العالمية.
بيع الكتب لا يزال مزدهراً
وفي لقاء ضمن جلسات «مؤتمر الناشرين الدولي»، بعنوان «بيع الكتب: دروس وأسرار من داخل متاجر الكتب»، تحدث كل من الكاتبة ومالكة «بووك تووك» كاترينا ملكاتي، ومدير «دار الشروق للنشر» المصرية أحمد بدير، والرئيس التنفيذي لدار «هاشيت أنطوان» إميل تيان، وحاورتهم الناشرة سلوى منصور.
وأرجعت ملكاتي، معدلات بيع الكتب إلى عدد السكان، مع ضرورة توافر عامل الشغف للقراءة: «حتى تحظى المبيعات بالارتفاع، ولا غنى في ذلك عن الاستعانة بالسوشيال ميديا، شريطة تقديم الكتب بشكل لائق، وحتى نصل إلى هذا الهدف يجب ابتكار الأدوات التي تسهم في زيادة الإقبال على الكتاب».
من جهته، قال أحمد بدير: «من واجبات الناشر إتاحة الكتب بنوعيها الورقي والإلكتروني، والسعي لتحقيق استدامة الأعمال»، وقال: «نحن في (دار الشروق) نحاول التعامل مع منصات البيع التي تملك الحماية والنظام المحاسبي، خاصة في ظل مشاكل النشر والافتقاد لآلية نشر عربية».
وأضاف أن حرفة بيع الكتب تحتاج إلى روح تجدها في إقامة المعارض المتخصصة، لا سيما وأنها ما زالت تتمتع بالجاذبية لدى الجمهور، وقال: «تأثيرها على المبيعات لا يزال ملموساً وحاضراً، وكما هو معروف فإن المعارض صناعة جماهيرية، وكل دولة تتباهى بناشريها وقرائها».
ويرى إميل تيان عدم تأثر مبيعات أنواع معينة من الكتب الورقية مقارنة بنظيرتها الإلكترونية مثل كتب الأطفال، قائلاً: «بينما التأثير يبدو ظاهرا في مبيعات كتب الرحلات والأسفار والروايات والقواميس الذي أظهرته شبكات العالم الافتراضي في قالب مبسط وواضح»، وأضاف «إجمالاً نحن نراهن على من لديهم شغف القراءة، والوازع لاقتنائها».
الابتكار الرقمي
وتناولت ندوة «الابتكار في الوصول» حلول البرمجيات التي تدعم قراءة الأشخاص ذوي القدرات المختلفة، وكيفية إيصال الكتب إليهم، تحدث فيها كل من مستشار هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة نورة الجبالي، والرئيس التنفيذي لمنصة «بينتيش» مايكل جونسون، ومدير عام النشر في «هيئة الأدب والنشر والترجمة» الدكتور عبد اللطيف الواصل، والخبير في مقارنة أفضل التجارب الكتب الرقمية مهنا المهنا، وأدارها الناشر إبراهيم آل سنان.
وقال عبد اللطيف الواصل: «منذ تأسيس (هيئة الأدب والنشر والترجمة) وهي معنية بذوي الإعاقة، والعمل على مشروعهم كما نصت معاهدة مراكش التي وقعتها المملكة العربية السعودية مع دول عدة، وتسهيل الوصول للمنتج إليهم بشقيه الورقي والإلكتروني»، لافتاً إلى جهود «هيئة الأدب والنشر والترجمة»، «في تحويل جميع النصوص المطبوعة إلى رقمية».
وذكر أن هناك مبادرتين تتبعان التحول الرقمي، وهما «مبادرة النشر» و«مبادرة الكتاب للجميع»، والغرض هو الوصول لجميع الفئات المستهدفة خصوصاً ذوي الإعاقة، مستدركاً: «ليس شرطاً التحول الرقمي للانضمام للمبادرة، فالتقنية مهمة، ولكن في المسرعات نشجع كل الأفكار ولا نستثني التقنية، ولكننا نبحث من خلالها التطوير والخروج عن السائد».
ودعا الواصل الناشرين إلى الاهتمام بذوي الإعاقة، وقال: «يجب تهيئة دور النشر لهم، وتوفير كل ما متطلباتهم»، وأضاف «هناك مشاريع تعمل عليها الهيئة لجعل المحتوى متاحاً لهذه الفئة، ودور النشر شريكنا في ذلك».
من جانبها، استهلت نورة الجبالي حديثها حول الابتكار الرقمي ومساهمته في سهولة الوصول لذوي الإعاقة، والتحديات التي واجهته، وقالت: «إمكانية الوصول تحتاج إلى معرفة المجتمع لاحتياجات ذوي الإعاقة، وكل ما يتعلق بهم، وفرص وصولهم إلى المحتوى مثل إقامة معارض الكتب».
وأضافت أن نسبة الإقبال من ذوي الإعاقة على الكتب لافتة، «ففيها ما يناسب احتياجاتهم والاهتمام بهم، وسط دعم حكومي وبرامج مسؤولية اجتماعية، وجهود متواصلة لتكييف ما يناسبهم ومحاولة الوصول إلى الاستدامة»، مؤكدة «لا خيار لنا عن التقنية».
وسلط مهنا المهنا، الضوء على الصيغ الرقمية، قائلاً: «الصعوبة التي تواجهها هي الوسيط الناقل إلى اللغة السمعية والبصرية لذوي الإعاقة، فالصيغ الرقمية صالحة للجميع، وتعتمد في قوتها على الوسيط الناقل لها».
وتطرق حديثه حول الأجهزة والتطبيقات المساعدة لذوي الإعاقة، مضيفاً «توجد برامج حديثة تحيل أي محتوى إلى لغة إلكترونية وصالحة لهم وخاصة البصرية».
وعرّف جونسون الحضور على منصة «بينتيش»، قائلاً: «اسمها بوكشير ومستخدمة في أنحاء العالم، وتحتوي على أكثر من مليون منشور ولكن تنقصها اللغة العربية، فيما تضم فريق عمل مجتهدا لتوفير الدعم التقني والكتب لمليون شخص من ذوي الإعاقة».
وأضاف «هناك قوانين تُلزم دو النشر بتوفير ونشر منتجات لذوي الإعاقة، وتهيئة كل ما من شأنه تسهيل الوصول إلى الكتب».
وكانت الندوة الحوارية الأولى ضمن أعمال «مؤتمر الناشرين»، حملت عنوان «الاستدامة في مواجهة الأوقات الحرجة» والتي ناقش الناشرون والخبراء من خلالها أبرز المواضيع المتعلقة بالتحديات الاقتصادية والإجراءات المتخذة لضمان استدامة صناعة النشر في المستقبل.
في حين تطرقت الندوة الحوارية الثانية «ريادة الأعمال والمشاريع الناشئة في قطاع النشر» إلى معلومات وإحصاءات عن ارتفاع أعداد رواد الأعمال، وكيف يُسهم في زيادة أعداد الشركات الناشئة في مجال النشر.
وتطرقت البروفيسورة هيزل كينون من خلال العرض الذي حمل عنوان: «الاتجاهات العالمية في مبيعات الكتب» إلى أوضاع الأسواق العالمية في مجال الكتب والنشر والفرص المساهمة في انتشارها.
وكانت «جمعية النشر السعودية»، وتحت رعاية «هيئة الأدب والنشر والترجمة»، قد أطلقت «مؤتمر الناشرين الدولي»، خلال البرنامج الثقافي بـ«معرض الرياض للكتاب 2023»، وسط مشاركة نخبة من المتحدثين السعوديين والعالميين، والمتخصصين، وقادة صناعة النشر، والناشرين الأفراد، والمؤلفين، وصنَّاع المحتوى.
وناقش «مؤتمر الناشرين الدولي» جملةً من الموضوعات؛ لنقل التجارب الاحترافية للشركات الناشئة، وتعزيز فرص الناشرين المحليين في دخول مجال تداول الحقوق والنشر، وتمكين بيع وتداول الحقوق ونقل التجارب، وتصدير الثقافة السعودية للعالمية، وتطوير صناعة النشر باعتماد أعلى معايير الجودة وأفضل الممارسات العالمية، كما تضمن البرنامج عدداً من الجلسات الحوارية تتناول المبيعات والتسويق، وكيفية الوصول للجمهور المستهدف، وجلساتٍ أخرى تتطرق لحفظ الحقوق وتأثير الذكاء الاصطناعي على حقوق الملكية الفكرية، بالإضافة إلى موضوعاتٍ متنوعة في مجال ريادة الأعمال ونموها في عالم النشر والمكتبات.
وأقام المؤتمر منصة لتداول الحقوق في المعرض، سواء حقوق النسخ الورقية أو الإلكترونية للكتاب، لمختلف اللغات وتصنيفات الكتب، بمشاركة دُوْر نشر لناشرين سعوديين وعرب وعالميين، وستُخصّص المنصة للقاءات الفردية بين الحضور والمتحدثين والمهتمين؛ لإقامة الأعمال والتواصل بينهم وتداول الحقوق بصناعة النشر.
اكتشاف المزيد من صحيفة دي إي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.