روسيا غيرت تكتيكاتها الجوية وخاطرت بطائراتها لتحقيق مكاسب في الشرق
لا تقتصر المشكلات التي تعانيها كييف على النقص في عدد الجنود، في ظل تفوق روسيا في هذا المجال، بعدما تمكنت من النجاح جزئياً في تعويض خسائرها البشرية؛ إذ، بعد تمكنها من السيطرة على مدينة أفدييفكا، وعدد من البلدات المحيطة بها في الآونة الأخيرة، نسبت هذه الخسائر إلى نجاح روسيا في إعادة تفعيل سلاح الطيران، والدفع بأعداد كبيرة من طائراتها المقاتلة وقاذفاتها، لمهاجمة المواقع الأوكرانية الأمامية، ولو بتكلفة عالية، مستغلة النقص الذي تعانيه أوكرانيا في الذخائر، خصوصاً في وسائل الدفاع الجوي التي تخصصها لحماية مدنها الرئيسية، على حساب حماية خطوط القتال الأمامية.
ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤولين وخبراء أوكرانيين وغربيين، قولهم إنه بعدما لعبت القوات الجوية في البلدين دوراً ثانوياً بسبب أسطول الطائرات المحدود في أوكرانيا، وعدم قدرة روسيا على اكتساب التفوق الجوي الذي توقعته في بداية الحرب، عادت روسيا لشن هجمات جوية أخيراً، مستخدمة مزيداً من الطائرات الحربية بالقرب من الخطوط الأمامية لإسقاط قنابل موجهة قوية وقنابل انزلاقية على المواقع الأوكرانية، وتمهيد الطريق أمام المشاة.
ويقول الخبراء إن هذا التكتيك، الذي استُخدم بشكل خاص في مدينة أفدييفكا الشرقية الاستراتيجية، قد حقق نتائج جيدة. لكنه جاء أيضاً مصحوباً بأخطار عالية. وقال الجيش الأوكراني، الأسبوع الماضي، إنه أسقط 7 طائرات مقاتلة من طراز «سو – 34» في الشرق، بعد أيام قليلة من إسقاط طائرة استطلاع رادارية ثانية بعيدة المدى من طراز «إيه – 50»، بوصفه جزءاً من عمليات التصدي الناجحة ضد القوات الجوية الروسية التي زعمت أوكرانيا أنها أسقطت 15 طائرة منها في أيام عدة.
وقالت المخابرات العسكرية البريطانية إن روسيا لديها 7 طائرات أخرى من طراز «إيه – 50»، لكنها «من المحتمل جداً أن تمنع الأسطول من الطيران» لدعم عملياتها العسكرية لمنع مزيد من الخسائر، ومن ثم تقليل «الوعي الظرفي المقدم لأطقم الطائرات». وقالت وكالة الأنباء الروسية «تاس»، يوم الخميس، إن مجموعة الدفاع المملوكة للدولة روستيخ ستستأنف إنتاج الطائرة «إيه – 50»، «لأن القوات المسلحة الروسية بحاجة إليها».
أجرى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مكالمة هاتفية مع نظيره الأوكراني رستم أوميروف لمناقشة آخر التطورات بشأن الوضع على الأرض في أوكرانيا. وأكد الوزير أوستن مجدداً أن الولايات المتحدة والتحالف الذي يضم نحو 50 دولة وشريكاً سيواصلون دعم أوكرانيا في معركتها المستمرة ضد العدوان الروسي. وقال المتحدث باسم البنتاغون الجنرال باتريك رايدر قي بيان، إن الوزيرين اتفقا على الحاجة الملحة لتمرير مشروع القانون الإضافي للأمن القومي الذي أقره الرئيس بايدن، وتعهدا بالبقاء على اتصال وثيق.
إغراق سفينة روسية
ومن جانب آخر، أصبح البحر الأسود ساحة مواجهة ذات أهمية كبيرة خلال الحرب التي دخلت عامها الثالث، حيث أعلنت القوات الأوكرانية مسؤوليتها عن سلسلة من الهجمات على أسطول موسكو. وقالت كييف، الثلاثاء، إنها دمرت سفينة دورية بحرية روسية قرب شبه جزيرة القرم. كما استهدفت كييف كثيراً من منشآت النفط الروسية في الأشهر الأخيرة، في ما وصفته بأنه رد عادل على مهاجمة موسكو شبكة الكهرباء الأوكرانية. وأعلنت، الثلاثاء، عن ضرب مستودع للنفط في منطقة بيلغورود الحدودية مع أوكرانيا.
وقال مسؤولون أوكرانيون، الثلاثاء، إن سفينة حربية روسية غرقت قبالة شبه جزيرة القرم بعد أن هاجمتها طائرات من دون طيار أوكرانية تحت المياه. وأعلنت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية عن هذا الحادث عبر تطبيق «تلغرام». وقالت الاستخبارات إن السفينة تعرضت لضربات في الخلف والجهتين اليمنى واليسرى.
ولم تؤكد موسكو بصورة رسمية حادث غرق السفينة. وذكرت مدونة بيلوروسكي سيلوفيك الموالية لروسيا أن السفينة دُمرت. كما نشرت مدونة «ريبار»، المقربة من وزارة الدفاع الروسية، منشوراً مماثلاً. وقد أُغْلِقَ جسر القرم، الذي يعرف أيضاً بجسر كريش سترايت، ساعات عدة بعد وقوع الهجمات خلال الليل.
وكانت سفينة «سيرغي كوتوف» الحربية جزءاً من أسطول البحر الأسود في روسيا. ويتردد أن مقطع فيديو أظهر تعرض السفينة للهجوم خلال الليل. ويعتقد أن الفيديو يظهر السفينة في خليج فيودوسيا بجنوب شرقي القرم تطلق النار على أهداف في المياه، حتى تعرضها لانفجار قوي.
وأشارت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية إلى أن الهجوم وقع في «المياه الإقليمية الأوكرانية» على مقربة من شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو في عام 2014.
وقالت الاستخبارات العسكرية إن مسيراتها ضربت السفينة قرب مضيق كيرتش، متسببة «بأضرار في مؤخرة السفينة والجانبَين الأيمن والأيسر».
وأوضح المتحدث أندري يوسوف أن السفينة كانت قد أصيبت في هجوم سبتمبر (أيلول) الماضي لكنها «دمّرت بشكل مؤكد هذه المرة» في هجوم ليل الاثنين – الثلاثاء.
وأضاف: «فيما يتعلق بالطاقم، الوضع هو في طور الإيضاح. ثمة قتلى وجرحى. لكن من المحتمل أن قسماً من أفراد الطاقم تمكن من مغادرة السفينة».
إضافة إلى ذلك، نفّذت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية هجوماً بمسيّرة على مستودع للنفط في منطقة بيلغورود الروسية المحاذية لأوكرانيا، على ما أكّد مصدر عسكري أوكراني لوكالة الصحافة الفرنسية.
واستهدفت الضربة، وفق المصدر نفسه، منشأة تابعة لشركة نفطية في قرية دولغو بمنطقة غوبكين على مسافة نحو 90 كيلومتراً شمال بيلغورود عاصمة المنطقة التي تحمل الاسم نفسه. وكان حاكم بيلغورود فياتشيسلاف غلادكوف قد قال على «تلغرام» إن انفجاراً تسبب «بحريق في منشأة» في منطقة غوبكين، دون أن يقدّم مزيداً من التفاصيل. وأوضحت وسائل إعلامية محلية أن الانفجار ناجم عن هجوم بمسيّرة على مستودع للنفط في مدينة غوبكين. ونوّه غلادكوف بأن منطقة بيلغورود استُهدفت في الساعات الـ24 الأخيرة بعدة ضربات بمسيّرات وقذائف ألحقت أضراراً بسيارات في عدة بلدات.
من جهة أخرى، أجرى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مكالمة هاتفية مع نظيره الأوكراني رستم أوميروف لمناقشة آخر التطورات بشأن الوضع على الأرض في أوكرانيا. وأكد الوزير أوستن مجدداً أن الولايات المتحدة والتحالف الذي يضم نحو 50 دولة وشريكاً سيواصلون دعم أوكرانيا في معركتها المستمرة ضد العدوان الروسي. وقال المتحدث باسم البنتاغون الجنرال باتريك رايدر قي بيان، إن الوزيرين اتفقا على الحاجة الملحة لتمرير مشروع القانون الإضافي للأمن القومي الذي أقره الرئيس بايدن، وتعهدا بالبقاء على اتصال وثيق.
وقد أفاد تقييم استخباراتي صادر عن وزارة الدفاع البريطانية بشأن تطورات الحرب في أوكرانيا، الثلاثاء، بأن المدير العام لمؤسسة «روستيخ» الحكومية الروسية، سيرجي تشيميزوف، صرح، الاثنين، بأن الدبابة القتالية الرئيسية الأكثر تقدماً في روسيا «تي14- آرماتا»، دخلت الخدمة في الجيش الروسي، ولكن لن يجري نشرها في أوكرانيا.
نقص في الجنود
يأتي ذلك في الوقت الذي نشرت فيه وسائل إعلام أميركية تقارير عن النقص الذي تعانيه القوات الأوكرانية، في تجنيد عناصر جديدة في صفوفها. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست»، أن أوكرانيا تسعى لتجنيد عدد كافٍ من الجنود لمحاربة القوات الروسية المتقدمة، ما وضع قيادتها تحت ضغط كبير. وأضافت أن الافتقار إلى استراتيجية تعبئة واضحة «أدى إلى انقسامات عميقة في البرلمان الأوكراني وعلى نطاق أوسع في المجتمع الأوكراني». كما تبحث القيادة العسكرية الأوكرانية عن مزيد من القوات الجاهزة للقتال. وقالت الإدارة الرئاسية إن من بين ما يقرب من مليون أوكراني جرت تعبئتهم، خدم ما بين 200 ألف إلى 300 ألف فقط في الخطوط الأمامية، دون أن توضح بعد سبب عدم خدمة 700 ألف شخص في ساحة المعركة.
ورغم وجود إجماع واسع النطاق بين الخبراء العسكريين على أن أوكرانيا بحاجة إلى مزيد من القوات، فإن توسيع نطاق التجنيد يعد قضية شائكة سياسياً. ويحدد نظام التعبئة الحالي الحد الأدنى لسن التجنيد عند 27 عاماً في محاولة لحماية جيل الشباب في أوكرانيا من الخطوط الأمامية، لكن المقترحات الجديدة تقترح خفض السن إلى 25 عاماً. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن بترو بوركوفسكي، رئيس مؤسسة المبادرات الديمقراطية، وهي مؤسسة فكرية في كييف، قوله «إنها نقطة ساخنة»، مضيفاً أن «القيادة السياسية قررت تجنب موضوع التعبئة، لكن الاستمرار في تجاهل المشكلة لم يعد ممكناً». ومع ذلك، وبينما تسعى كييف إلى تعزيز جيشها، يجب عليها أن توازن بين حاجتها إلى القوات، والحفاظ على العمود الفقري الاقتصادي لأوكرانيا. وذكرت وكالة «يونيان» الأوكرانية للأنباء أن المسؤولين يقولون إن الأمر يتطلب 8 من دافعي الضرائب لإعالة كل جندي. لكن أصحاب العمل في القطاعات الرئيسية مثل الزراعة يشعرون بالقلق من نفاد العمال، ما يعرض مصدراً رئيسياً للإيرادات الحكومية للكساد.
وتتمثل إحدى القضايا الرئيسية التي لم يجرِ حلها بعد في تسريح جنود الخطوط الأمامية، الذين نادراً ما جرى تناوب كثير منهم بعيداً عن الجبهة منذ الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا قبل أكثر من عامين. واندلعت احتجاجات نادرة في كييف في ديسمبر (كانون الأول)، حيث تجمعت أكثر من 100 امرأة لمطالبة الحكومة بتسريح أقاربهن. وهتفوا: «الجنود ليسوا من حديد». وعلى خط المواجهة، اشتكى الجنود من أن عمليات النشر الطويلة وعدم التناوب قد أدت إلى استنزافهم جسدياً وذهنياً.
اكتشاف المزيد من صحيفة دي إي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.