«مجلس الحرب» يسحب صلاحيات «الأقصى» من بن غفير ويتبنى «اعتباراته الأمنية»
بعد الكشف عن قرار سحب مجلس قيادة الحرب في الحكومة الإسرائيلية، الصلاحيات الأمنية على المسجد الأقصى من وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وعدم فرض قيود خاصة على دخول فلسطينيي 48 للصلاة في المسجد خلال شهر رمضان، تبيّن أن المجلس قبل بعض مطالب بن غفير وسيحدد عدد المصلين بـ50 – 60 ألفاً، بدلاً من ربع مليون مصلٍ، في أيام الجمعة في رمضان .
وكانت «القناة 12»، للتلفزيون الإسرائيلي قد كشفت في نشرتها ليل الأربعاء – الخميس، عن أن «كابينت الحرب» قرر اتخاذ القرارات المتعلقة بهذا الشأن بناءً على توصيات الأجهزة الأمنية، و«عدم فرض قيود واسعة على دخول الفلسطينيين من مواطني إسرائيل إلى المسجد الأقصى».
كما تقرر أن الشرطة ستحدد سقفاً لعدد المصلين بناءً على الاعتبارات الأمنية، كما أن القيود الشخصية ستُفرَض «بناءً على معلومات استخباراتية». وبحسب تقديرات (القناة 12)، فإن الشرطة ستسمح في بداية رمضان بدخول نحو 50 – 60 ألف مصلٍ إلى المسجد الأقصى، على أن يتم تقييم الوضع لاحقاً.
بن غفير سارع إلى إصدار بيان دعا فيه نتنياهو، إلى نفي التقرير، وقال: «أتوقع أن ينفي رئيس الحكومة التقرير الذي يفيد بأنه في قضية جبل الهيكل (المسجد الأقصى)، قرر اتباع مفهوم بيني غانتس القائل بأن السلام يُشترى بالخضوع والاستسلام للإرهاب، ونية نقل الصلاحيات التي يملكها وزير الأمن القومي لـ(كابينت الحرب)».
وأشار تقرير مجلس قيادة الحرب إلى أن هذا القرار، جاء بعد التحذيرات التي أطلقها كبار المسؤولين بجهاز الشرطة الإسرائيلية، من أتباع السياسة التي يدفع بها بن غفير، في المسجد الأقصى، وفرض قيود على دخول المصلين إلى الحرم القدسي خلال شهر رمضان، وأوضحوا أن ذلك قد يؤدي إلى اشتعال الأوضاع الأمنية في القدس والمدن التاريخية في مناطق 48 المعروفة إسرائيلياً بـ«المدن المختلطة».
وأوضح كبار المسؤولين في شرطة الاحتلال الإسرائيلي، بحسب القناة، أن الحكومة لن تتخذ قراراً نهائياً بشأن فرض قيود على دخول المصلين من فلسطينيي 48 إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، قبل نهاية الأسبوع المقبل. ووفقاً للمسؤولين، لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن طبيعة هذه القيود المحتملة.
ونقلت القناة عن ضباط كبار في قيادة الشرطة، أنه إذا قررت الحكومة الاستجابة لمطالب بن غفير، فإن «الهدوء الذي يسود المجتمع العربي منذ بداية الحرب في غزة، هو ما يجب أن تدفع صناع القرار إلى الامتناع عن فرض قيود على المواطنين المسلمين في إسرائيل الذين يرغبون في الصلاة بالمسجد الأقصى في شهر رمضان».
لأول وهلة، يبدو أن هناك أزمة متوقعة بين نتنياهو وبن غفير، خصوصاً وأن الثاني، اتخذ قراراً بأن يُستبعد حضور مندوب عن نتنياهو في جلسة قيادة الشرطة التي ستجري نقاشات حول الوضع الأمني في رمضان. ولكن، هناك مَن يحذر من عملية خداع أيضاً في هذا النشر.
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الإسرائيلية تفرض قيوداً على صلاة المسلمين في الأقصى منذ بداية الحرب، بينما اليهود يتاح لهم اقتحامه طيلة الوقت. وقد انخفض عدد المصلين في صلاة أيام الجمعة من 50 ألفاً في الظروف العادية إلى 5 آلاف خلال الحرب، وأعلى حد بلغه الحضور كان 10 آلاف.
التقرير عن تقييد عدد المصلين في الأقصى في رمضان بحيث لا يزيد على 60 ألفاً، هو أيضاً تعسفي، إذ إن عدد المصلين في أيام الجمعة في رمضان كان يصل في الأيام العادية إلى ربع مليون وحتى نصف مليون، والعدد الجديد يختصره إلى 10 – 20 في المائة فقط.
وبحسب التقرير، يظهر أن مجلس الحرب قبِل ببعض توصيات بن غفير، حول منع سكان الضفة الغربية من دخول القدس والأقصى. وفي حين طلب بن غفير منعهم تماماً، أوصت شرطة بن غفير بالسماح بدخول سكان الضفة من سن 60 عاماً فما فوق، وأوصى جهاز المخابرات (الشاباك) بالسماح بدخول سكان الضفة من سن 45 عاماً. وفي هذا لم يتخذ قرار واضح بعد، لكن هناك اتجاهاً لتقييد حضورهم بشدة.
وكان وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، قد حذّر، الثلاثاء، من «استغلال (حماس) شهر رمضان، مع التركيز على جبل الهيكل (المسجد الأقصى) والقدس، وتحويله إلى مرحلة ثانية من خطتها التي بدأت في 7 أكتوبر، وهو الهدف الرئيسي لـ(حماس)، الذي يتم (تعزيزه) من خلال إيران و(حزب الله)».
وشدد على أنه «لا يجب أن نتيح لهم ذلك، والمعنى هو تهدئة المنطقة بأي طريقة ممكنة، وفي هذا الجانب يجب تقسيم العملية قسمين بسيطين تعرفونهما جيداً، وهما يصنعان التمايُز؛ من هو مخرّب أو يُشتبه به، أو في طريقه إلى ذلك؛ يجب الوصول إليه وإيقافه وتصفيته».
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، أن الجيش و«الشاباك»، يطالبان نتنياهو، بإجراء مداولات جديدة حول القيود على دخول المواطنين العرب في إسرائيل إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه خلال شهر رمضان المقبل، ومحاولة تغيير القرار بهذا الخصوص.
وذكر التقرير، أن جهاز الأمن قدم تقريراً، جاء فيه أن «ثمة احتمالاً مرتفعاً لتدهور أمني» في الضفة الغربية، وأنه «في حال تحقق ذلك، ثمة شك أنه سيكون بإمكاننا وقفه، بموازاة القتال وانتشار القوات في جميع الجبهات»، في إشارة إلى الحرب على غزة والقصف المتبادل مع «حزب الله».
يذكر، أنه في يوم الأربعاء، دعا رئيس حركة «حماس» إسماعيل هنيّة الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية، إلى الرد على تقييد دخول المسلمين بالسير إلى المسجد الأقصى للصلاة في اليوم الأول من شهر رمضان في 10 مارس (آذار) المقبل. وعندما طُلب من المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر التعليق على تصريح هنيّة، قال: «الولايات المتحدة ستواصل حث إسرائيل على تسهيل وصول المصلين المسلمين إلى الحرم القدسي خلال شهر رمضان، بما يتفق مع الممارسات السابقة. الأمر لا يتعلق فقط بمنح الناس الحرية الدينية التي يستحقونها، ولكنها أيضاً مسألة ذات أهمية مباشرة لأمن إسرائيل. ليس من مصلحة إسرائيل الأمنية تأجيج التوترات».