هل تخطط إسرائيل لتقسيم قطاع غزة لسنوات طويلة؟
وسّعت القوات الإسرائيلية محور نتساريم الذي يفصل شمال قطاع غزة عن وسطه وجنوبه، وعززته في محاولة لترسيخ ما يصفه فلسطينيون بأنه جزء من عملية تهدف إلى «تقسيم» القطاع.
ويمتد محور «نتساريم» الذي بدأت إسرائيل السيطرة عليه مع بداية العملية البرية في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، من الخط الحدودي الفاصل شمال شرقي منطقة جحر الديك، وصولاً إلى شارع صلاح الدين الرئيسي، وحتى شارع الرشيد البحري، بطول يصل إلى 6 كيلومترات وعرض 7 كيلومترات.
وأُطلق على هذا المحور مسمى «نتساريم» نسبة إلى مستوطنة إسرائيلية كانت مقامة في المنطقة، وكانت تمثل مركزاً مهماً لمستوطنات قطاع غزة، قبيل الانسحاب منه عام 2005.
ورصد مراسل لـ«الشرق الأوسط» تموضعاً أوسع لقوات الاحتلال على طول الشارع، وتعزيز المقطع المسيطر عليه بأبراج مراقبة ومعسكرات جديدة صغيرة، بينما جرى تركيب كشافات أنوار ضخمة.
وجاءت التعزيزات الإسرائيلية في المحور بعد عمليات عسكرية نفذها جيش الاحتلال في شمال مخيم النصيرات، وفي منطقتي الزهراء والمغراقة القريبتين، أقدم خلالها على توسيع محيط هذا المحور من خلال تدمير أبراج وبنايات ومنازل سكنية، وتجريف مساحات زراعية.
ويبدو أن الهدف من هذه العملية التي استمرت في النصيرات 7 أيام متتالية، وقبلها في الزهراء والمغراقة، هو إبقاء المنطقة مفتوحة أمام القوات التي ستتمركز داخل الأبراج والمعسكرات لكشف أي تحركات للفلسطينيين، وهو الأمر الذي طبقته إسرائيل مع اندلاع انتفاضة الأقصى نهاية عام 2000، بتجريف كل محيط مستوطنة نتساريم ومحورها، لمنع إطلاق قذائف «الهاون» والصواريخ أو أي عمليات تسلل حينها.
وقال مواطنون إنهم رصدوا في اليومين الماضيين تحركات مكثفة طيلة الوقت في هذا المحور، وقد شاهدوا بناء معسكرين للجيش هناك. ووصفت صحيفة «هآرتس» العبرية المعسكرين الجديدين بأنهما عبارة عن «بؤر استيطانية»، بسبب إقامة وحدات سكنية مكيّفة فيهما، إلى جانب تزويدها بالكهرباء، وبمراحيض وحمامات، وشبكات اتصال مختلفة. وكُتب على حاجز خرساني على أمام معسكر للجيش على الطريق الساحلية عبارة: «مرحباً بكم في قاعدة نتساريم».
وأشارت «هآرتس» إلى مقاطع فيديو التقطت من مسافة قريبة على طريق صلاح الدين، تُظهر جنوداً إسرائيليين وهم يغنون ويرقصون، وبعضهم كان يقيم صلوات يهودية، إلى جانب وجود لفائف من التوراة.
وبدت عملية بناء المعسكرين بشكل واضح في صور الأقمار الاصطناعية التي التُقطت في أوقات مختلفة أثناء الحرب بواسطة شركة «بلانيت لابس» المتخصصة في جمع بيانات عن بعد للأرض وتصويرها باستخدام تلك الأقمار.
وبينما رفض الجيش الإسرائيلي التعليق على تقرير «هآرتس»، قالت «القناة 14» العبرية إنه جرى رصف هذه الطريق ليجري بشكل دائم فصل شمال القطاع عن وسطه وجنوبه.
وتظهر التفاصيل أن القوات الإسرائيلية تخطط للبقاء في هذه المنطقة، أطول فترة ممكنة بغض النظر عن العمليات العسكرية، وربما ضمن خطة مستقبلية دائمة، وهو ما أكده مصدر عسكري إسرائيلي مؤخراً في حديث لإذاعة جيش الاحتلال، إذ قال إن هذه الطريق وجدت ليبقى، وهو نتاج جهد عسكري للاحتفاظ بالأرض واحتلال مستمر لسنوات، وهذا ما يؤلم «حماس» أكثر في المفاوضات، وفق رأيه.
وتستخدم إسرائيل قواتها في محور نتساريم من أجل إخضاع الفلسطينيين النازحين من الشمال إلى الجنوب لتدقيق وفحص وتحقيق إذا لزم الأمر، ولمنع النازحين من العودة إلى الشمال.
وحاول كثير من النازحين الفلسطينيين في جنوب قطاع غزة، العودة إلى مناطق سكنهم شمالاً، لكن الجيش في المنطقة واجههم بالنار وقتل كثيراً منهم.
وأكدت «هآرتس» أن الموقعين الكبيرين عند طريق الرشيد الساحلية وعلى طريق صلاح الدين، أحد أهداف إقامتهما هو التحقيق مع الفلسطينيين.
والمحور هو محل خلاف كبير مع حركة «حماس» في المفاوضات المتعلقة بهدنة في القطاع.
وأصرت «حماس» خلال المفاوضات على انسحاب القوات الإسرائيلية من هذا المقطع لتمكين الفلسطينيين من العودة غير المشروطة للشمال، لكن إسرائيل رفضت، وأصرت على أن تبقى قواتها في هذا المحور بهدف منع تنقل نشطاء الفصائل الفلسطينية من وسط وجنوب القطاع إلى شماله، أو العكس، أو نقل أسرى إسرائيليين من مكان إلى آخر.